وروى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"على كلِّ بابٍ من أبواب المسجد ملكٌ يكتب الأوَّل فالأوَّل".
وروى أبو داود عن أوس بن أوس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثمَّ بكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، فاستمع ولم يلغ- كان له بكلِّ خطوةٍ عمل سنةٍ أجر صيامها وقيامها"، وقوله:"غسل واغتسل" يروي بغين معجمة، وسين مخففة، ويروي الأول- أيضاً- بغين معجمة وتشديد السين، ويروي- أيضاً- بعين غير معجمة وتشديد السين.
فعلى الأوّل: معناه: من غسل أعضاء الوضوء، واغتسل في جميع بدنه.
وقيل: غسل: كرر الغسل، كما يقال: فتحت الأبواب بمعنى التكثير والتكرار؛ قاله القاضي الحسين.
وعلى الثاني والثالث يكون معناه: من جامع؛ فأوجب الغسل على غيره قبل خروجه.
والمعنى فيه: أنه لا يأمن أن يقع طرفه على ما يحرك شهوته فينشغل قلبه؛ وهذا في الرواية الثالثة أظهر.
وقوله: بكَّر وابتكر": قال الأزهري: ويروي بالتشديد والتخفيف؛ لأنه يقال: بكر، وبكَّر: مشدد، ومخفف.
قال الماوردي: ومعنى الخبر: من بكر في الزمان، وابتكر في المكان.
وقيل: بكر: أتى الصلاة لأول وقتها، وابتكر، أي: أدرك أول الخطبة، وهو باكورتها، ومنه: باكورة الثمرة.