قلنا: يدرك بها الجمعة، فها هنا المزحوم مقتد حكماً، وليس متابعاً عياناً، وقد اختلف أئمتنا في ذلك.
قال: وكشف سر ذلك: أنه إن [سجد] المزحوم في قيام الإمام قبل ركوعه- كما تقدم- فقد جرى سجوده وهو متخلف عن الإمام تخلفاً لو اختاره بطلت قدوته، ولكن ذلك القدر معفو عنه؛ لعذر الزحام وفاقاً.
وإن لم يسجد حتى ركع الإمام في الثانية، [ثم أمرناه بالركوع، فسجد- فلا يعتد به، فلو سجد في الركعة الثانية] مقتفياً لا مقتد حسّاً، فهذا اعتقدوه تخلفاً مفرطاً؛ فترددوا فيه.
وخرج من هذا: أن ما يقع قبل الركوع ملحق بالاقتداء الحسي، وإن جرى في تخلف لا يحتمل في حاله الاختيار، وما يقع بعد فوات الركوع اقتفاء فهو في حكم اقتداء حكمي لا عيانِّي، ثم في إدراك الجمعة بمثله الخلاف الذي ذكرناه.
وسئل الغزالي [عن] ذلك، فقال: إذا رفع المزحوم رأسه من السجود وقد فات ركوع الإمام في الثانية- فإن راعى ترتيب صلاة نفسه، فإذا سجد في الركعة الثانية، حصلت له ركعة ملفقة؛ لوقوع السجدة بعد الركوع الثاني، فإن قلنا: يدرك بالملفقة، فقد حصل السجود في قدوة حكمية، فهل تصلح الحكمية لإدراك الجمعة؟ فيه وجهان. ومن منع حصول الركوع الثاني نهاية انسحاب حكم القدوة، فإذا سجد قبله، كان كالمقتدي حسّاً، وإن كان بعده، كان كالمقتدي حكماً.
وقد حكى الرافعي كلامه ثم قال: والتردد في إدراك الجمعة كما قال؛ فلا شك أنه مخصوص بما إذا وقعت السجدتان اللتان كملت بهما ركعته قبل سلام الإمام.
على أن في أصل الاحتساب بهما- والحالة هذه- إشكالاً؛ لأنَّا على القول