وقال القاضي أبو الطيب: إنما يكون كذلك على قولنا فيما إذا لم يزل الزحام في السجود حتى ركوع الإمام: إنه يركع معه، ويكون المعتد به الركوع الثاني. أما إذا قلنا: المعتد به الركوع الأوّل، فيجيء في هذه المسألة وجهان؛ لأن الركعة ملفقة.
وقال المعلق للتعليق المنسوب إليه:[ما] قاله القاضي فيه نظر؛ لأن التلفيق جمع بين فعلين، لو أسقط أحدهما، لم يكن مدركاً للجمعة بالآخر؛ فأما في مسألتنا فإنه ضم القيام والقراءة من الركعة الأولى إلى الركوع وما بعده من الركعة الثانية، ولو أدرك الركوع من الركعة الثانية وما بعده في هذه الحالة، لكان مدركاً ركعة كاملة؛ فلم يكن لإضافة القيام والقراءة من الركعة الأخرى إليه تأثير؛ لأن الركعة تصح مع إسقاطه.
ولنوع من ذلك قال ابن الصباغ: إنّ قول الأصحاب أشبه. وأنت إذا تأملت ما قاله المعترض، استحسنته، ووجدت الأمر كما قال، والله أعلم.
خاتمة: الزحام كما يفرض في الجمعة يفرض في سائر الصلوات، وإنما يذكر في الجمعة خاصة؛ لأنّ الزحمة فيها أكثر؛ ولأنه يجتمع فيها وجوه من الإشكال لا تجري في غيرها، مثل: التردد في أن الركعة الملفقة هل يدرك بها الجمعة، وكذا التردد في القدوة الحكمية على رأي المراوزة الذي لا يعرفه العراقيون، والتردد في النية على أنّ الجمعة ظهر مقصور أم لا؟ ولأن الجمعة شرط فيها الجماعة، ولا سبيل إلى المفارقة ما دام يتوقع إدراك الجمعة على رأي- كما تقدم- بخلاف سائل الصلوات؛ فإنه عند تعذر السجود بالزحمة في الركعة الأولى يخرج نفسه من الصلاة، ولا ينتظر الزوال، لكنه لو أقام، و [لم] يزل الزحام حتى ركع الإمام في الثانية- قال الرافعي: اطرد فيه القولان.