المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبله قائماً، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: "اللَّهمَّ حوالينا ولا علينا، اللَّهمَّ على الآكام والظِّراب وبطون الأودية ومنابت الشَّجر"[قال:] فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس.
لكن ما اقتضاه ظاهر كلام الشافعي الذي أورده الشيخ هنا وإن لم يذكره في "المهذب"، بل اقتصر على ذكر عجزه، وهو قوله:"اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً .. " إلى آخره، تبعاً للقاضي أبي الطيب- لا يعكر عليه الخبر، بل هو شاهد له؛ لأنه إذا جاز أن يدعى بذلك بعد نزول المطر فالدعاء به قبل نزوله؛ ليكون على وجه لا يحصل به ضررٌ أصلاً- أولى، والله أعلم.
وقد استحب الأصحاب له أن يدعو مع ذلك بدعاء الأنبياء- صلى الله على نبينا وعليهم- لأنه أسرع للإجابة، وهكذا فعل عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه- فإنه كتب إلى ميمون بن مهران قال: قد كتبت إلى البلدان أن يخرجوا إلى الاستسقاء إلى موضع كذا وكذا، وأمرتهم بالصدقة والصلاة، وأمرتهم أن يقولوا كما قال أبوهم آدم- عليه السلام-: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف: ٢٣] ويقولوا كما قال نوح- عليه السلام-: {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ}[هود: ٤٧]، ويقولوا كما قال يونس- عليه السلام-: {سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ}[الأنبياء: ٨٧] ويقولوا كما قال موسى- عليه السلام-: {إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[القصص: ١٦].
وأن يقول لكل من حضر ذلك أن يخطر بباله ما جرى له في عمره من قربة فعلها خالصاً لله- عز وجل- ويسأل الله السقيا عندها؛ لما جاء في ذلك