بعدها؛ لتكون آخر كلامه، فإن تكلم بعدها بشيء أعيد التلقين؛ ليكون آخر كلامه التوحيد.
وقد أفهم كلام الشيخ أن العائد يوجهه إلى القبلة، ويلقنه قريباً كان أو غير قريب، والمذكور في "الحاوي": إذ قارب أن يقضي حضره أقوى أهله نفساً وأثبتهم عقلاً، ولقنه الشهادتين من غير عنف ولا إضجار، ثم يوجهه إلى القبلة.
وقال في "التتمة" وغيره: يستحب أن يكون الملقن له غير وارث؛ حتى لا يسبق إلى فهمه أنه يستعجل موته فيغتاظ من ذلك فيجحد، فإن لم يكن عنده إلا الورثة فالأولى أن يلقنه أبرهم به وأحبهم إليه.
قال الجيلي: ويستحب أن يصب في حلقه ماء قليلاً، وأن يقرأ عنده سورة الرعد، كما قاله البندنيجي وصاحب "البيان"؛ لأنه قيل: إنه أسرع لخروج روحه، وابن الصباغ وغيره حكوا ذلك عن بعض التابعين.
وهذا مما يستحب لعائد المريض أن يفعله، فأما ما يستحب للمريض أن يفعله فقد قلنا: إنه يستحب له الإكثار من ذكر الموت، ويستحب له الصبر على ما نزل به، والتداوي من المرض كما قاله القاضي أبو الطيب وغيره، وأن يحسن ظنه بالله، ويكون رجاؤه أغلب من خوفه لظهور العجز، ويكره له الأنين وأن يتمنى الموت ويدعو به لضر نزل به.
قال: فإذا مات استحب لأرفقهم به أن يغمض عينيه؛ لما روى مسلم عن أم سلمة قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال:"إن الروح إذا قبض تبعه البصر"، ولأن ذلك أحسن في كرامته؛ فإنه لو ترك مفتوحاً لقبح منظره.
قال: ويشد لحييه؛ كي لا يقبح منظره بفتح فيه، ويدخل فيه الهوام، ويكون الشد بعصابة عريضة أو عمامة تربط فوق رأسه.
قال: ويلين مفاصله؛ كي لا تيبس فيقبح ولا تبقى لينة على غاسله، فيرد ذراعه