قال: ثم النساء الأقارب، أي: المحارم [له]؛ لإباحة نظرهن له مع الحاجة إليهن، أما غير المحارم فهن كالنساء الأجانب، وسيأتي حكمهن.
ثم هذا الفصل سيق لبيان جواز غسل نساء الأقارب له بعد من ذكر، لا لأنهن مقدمات على غيرهن؛ إذ لا أحد بعدهن يكون له التغسيل، وقد حكي الإمام عن رواية شيخه والأئمة عن أبي إسحاق المروزي أنه كان يقول: ليس للزوجة رتبة التقدم على أحد، وإنما لها جواز الغسل فحسب، فأما أن تقدم فلا، وقال: إنه ليس بشيء. فإذا قلنا به كانت النساء الأقارب مقدمات عليها، ويجوز أن يكون الشيخ أراد بما ذكره الاحتراز عن ذلك، وعكس هذا الوجه وجه مشهور في المذهب: أن الزوجة مقدمة على الأب وغيره؛ لقول عائشة: لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نساؤه.
قال القاضي الحسين: وإنما قالت ذلك؛ لأنها تمنت أن أباها يتولى غسله، فلما تولى ذلك علي والعباس والفضل وأسامة- رضي الله عنهم- قالت هذه المقالة.
قلت: ويجوز أن تكون قالت ذلك حين علمت أن للزوجة أن تغسل زوجها؛ لقيام الإجماع عليه. وقد يستدل لهذا الوجه أيضاً بوصية أبي بكر؛ فإن العاصب لو استحق التقديم لم يحرمه بالوصية كما لا يتقدم من أوصى إليه شخص على ولده على أبيه عند وجوده، وقد ادعى البندنيجي أن هذا الوجه هو المذهب.
وفي "الروضة" حكاية وجه آخر: أن المقدم الرجال الأقارب ثم الزوجة ثم الرجال الأجانب ثم النساء المحارم، وصحح ما ذكره الشيخ، وهو ظاهر النص في "المختصر"؛ فإنه قال: أولاهم بغسله أولاهم بالصلاة عليه، ولم يحك الماوردي غيره.
ثم حيث تغسله فإلى متى؟ فيه ثلاثة أوجه حكاها القاضي الحسين وغيره: