والمكاتبة لا تغسل سيدها؛ لأنها كانت محرمة عليه في الحياة كالأجنبية، ولا يجيء فيها الوجه المذكور في الرجعية؛ إذ لا توارث بينهما.
قال: وإن كانت امرأة غسلها النساء الأقارب، أي: محارم كن لها كبناتها وأمهاتها وخالاتها، وكل امرأة لو كانت رجلاً لم يحل له نكاحها بسبب القرابة، أو غير محرم كبنات عماتها وبنات خالاتها، وكل امرأة لو كانت رجلاً يحل له نكاحها؛ لأنهن أشفق من غيرهن.
قال: ثم النساء الأجانب؛ لأنهن أوسع في النظر إليها من الرجال.
قال: ثم الزوج: هذا الكلام يقتضي أمرين:
أحدهما: جواز تغسيل الزوج زوجته، وهو مما لا خلاف فيه عندنا إذا لم يكن قد تزوج بأختها أو أربع سواها؛ لأن علياً- كرم الله وجهه- غسل فاطمة مع أسماء بنت عميس، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة، فكان إجماعاً، وما ورد من أن ابن مسعود أنكر عليه ذلك- لا يعرف، ولا نقله أحد من نقلة الحديث، ولأنهما زوجان يمسك كل واحد منهما بذمام صاحبه إلى أن فرق الموت بينهما؛ فجاز للباقي منهما أن يغسل صاحبه، كالزوج إذا مات وبقيت الزوجة فإن لها أن تغسله بالإجماع.
أما إذا تزوج بأختها أو أربع سواها فهل يجوز له تغسيلها؟ فيه وجهان، أصحهما: أن له ذلك أيضاً.
الأمر الثاني: أنه يتقدم على رجال الأقارب، ووجهه: أنه يطلع على ما لا يطلع عليه غيره منهم؛ فكان أولى.
قال: ثم الرجال الأقارب. هذا الفصل سيق لبيان أن للرجال الأقارب تغسيلها بعد من ذكر، لا لأنهم يقدمون على غيرهم؛ إذ لا أحد يقدمون عليه، ووجه جواز تغسيلهم لها: أنهم أشفق عليها ويطلعون على ما لا يجوز للغير الاطلاع عليه، وهذه الطريقة لم يورد الماوردي في موضع من "الحاوي" غيرها، وهي التي حكاها الإمام عن شيخه وغيره من أصحاب القفال، ولا جرم، قال في "الوسيط": إنها طريقة المراوزة؛ لأن المراوزة هم أصحاب القفال المروزي، وحكى وراءها وجهين عن العراقيين، وهما مذكوران في "المهذب" وغيره من كتبهم:
أحدهما: أن الزوج يقدم على نساء الأقارب؛ لقوله- عليه السلام- لعائشة،