فابن العم الذي هو أخ لأم يقدم على ابن العم الذي ليس بأخ كما تقدم، والخالة تقدم على بنت العم، وبه صرح البندنيجي وغيره؛ لأنهم أكثر اطلاعاً وأوسع نظراً من القريب الذي ليس بمحرم، وزاد القاضي الحسين فقال: إن الخال أولى من ابن العم في غسل الرجل. ولم يحك غيره، ولا يفهم أن مراد الشيخ بقوله:"وذوو المحارم أحق من غيرهم"- أن ذوي المحارم من الرجال أحق من غيرهم في تغسيل الميت إذا كان امرأة؛ لأن القريب الذي ليس بمحرم كالأجنبي سواء في المنع من التغسيل، صرح به البندنيجي وغيره، وإذا كان كذلك تعين ما قلناه.
فإن قلت: في كلام أبي الطيب ما ينازع في ذلك؛ لأنه قال: إذا قلنا بتقديم نساء الأقارب على الزوج قدمنا المحارم ثم غير المحارم ثم الأجنبيات ثم أولى الأقارب بالصلاة، فإن لم يكن فالزوج، وابن العم مقدم في الصلاة على الخال. فكلامه يقتضي أنه يقدم هنا أيضاً، وهو خلاف ما ذكرتم.
قلت: كلام أبي الطيب محمول على من يقدم في الصلاة من المحارم كالأب ونحوه؛ ألا ترى إلى قوله: لو ماتت امرأة بين رجال لا محرم لها منهم هل تيمم أو تغسل؟ فيه ما سنذكره فيما إذا ماتت امرأة وليس هناك إلا رجل أجنبي. فعامل غير المحرم معاملة الأجنبي، والله أعلم.
وللسيد تغسيل مكاتبته وأم ولده ومدبرته وأمته بلا خلاف إذا لم يكن محرمات عليه حين الموت [بسبب نكاح] أو غيره.
ثم اعلم أن قول الشيخ:"وإن كانت امرأة .. " إلى آخره، يحتمل أن يكون مراده بذلك بيان من هو الأولى بغسلها والمقدم فيه على غيره، كما بينه فيما إذا كان الميت رجلاً، وهو ما حكاه الإمام عن الأصحاب حيث قال: لو سلم من قدمناه في الغسل ذلك إلى غيره [و] لم يؤخره فله أن يتعاطى الغسل كالزوج إذا سلم الغسل لرجال القرابة، ونحن نرى تقديم الزوج.
ويحتمل أن يكون مراد الشيخ أن ذلك على وجه التعين، وهو ما أبداه الإمام احتمالاً لنفسه حيث قال: يجوز أن يقال: من يقدم عند الزحمة فحق عليه أن يتعاطى الغسل؛ فإنه بحق واختصاص قدم. وحكى عن شيخه أنه كان يقول: ما