للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرافعي: إن الحكم المذكور في الصغير الذي لم يبلغ حداً يشتهي مثله، وكلام أبي زيد يقتضي أن المناط ما دون البلوغ كما سنذكره.

وأما الخنثى فإن كان صغيراً غسله الرجال أو النساء، وإن كان كبيراً فهل يغسل أو ييمم؟ فيه وجهان، المنسوب منهما في "الحاوي" إلى أبي عبد الله الزبيري من أصحابنا: الثني، وقال: إنه غلط، وقد قال الرافعي: إن الخلاف فيه كالخلاف فيما إذا مات رجل وليس هناك إلا امرأة أجنبية، أو ماتت امرأة وليس هناك إلا رجل أجنبي، وهذا يقتضي أن يكون الراجح عند الأكثرين ما قاله الزبيري.

ثم إذا قلنا بأنه يغسل، فمن يغسله؟ فيه أوجه:

أحدها: أنه في حق الرجال كالمرأة، وفي حق النساء كالرجل؛ أخذاً بالأسوأ في كل واحد من الطرفين.

والثاني- حكاه القاضي الحسين وغيره عن بعض الأصحاب-: أنه يشتري من تركته جارية لتغسله، فإن لم يكن له تركة فيشتري من بيت المال، قال الأئمة: وهذا ضعيف؛ لأن إثبات الملك ابتداء للشخص بعد موته مستبعد، وبتقدير ثبوته، فقد ذكرنا أن الصحيح أن الأمة لا تغسل سيدها.

والثالث- وبه قال الشيخ أبو زيد، وهو الأظهر-: أنه يجوز للرجال والنساء غسله جميعاً؛ لأنه قد ثبت أنه قبل البلوغ لو احتيج إلى غسله حياً أو ميتاً، فأي هذين غسله جاز؛ فيستصحب ذلك الأصل، وإنما يؤخذ في أمر الخنثى المشكل باليقين كما لو مس أحد فرجيه فلا وضوء عليه، كذا حكاه القاضي الحسين عن أبي زيد، وهو المحكي في "الإبانة" عن القفال، ولم يورد سواه.

وفي "الحاوي" أنه يستحب أن يغسل في قميص، ويكون موضع غسله مظلماً، ويتولى غسله أوثق من [يقدر] عليه من الرجال والنساء.

وفي "التهذيب": قيل: يغسله من يغسل المرأة في قميص، والله أعلم.

قال: وإن مات كافر فأقاربه الكفار أحق من أقاربه المسلمين؛ لقوله- تبارك وتعالى-: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣] وكذا زوجته أحق به منهم؛ لما ذكرناه، فلو لم يكن له أقارب كفار ولا زوجة، أو كانوا وامتنعوا منه

<<  <  ج: ص:  >  >>