قال: والأولى أن يغسل في قميص؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لما مات اختلف الناس في غسله فقال قوم: نغسله في ثيابه، وقال آخرون: لا نغسله فيها بل مجرداً كما نغسل موتانا، فغشيهم النعاس وسمعوا هاتفاً يقول: لا تجردوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية: اغسلوه في قميصه الذي مات فيه، فغسل في القميص.
فإن قيل: قد دل ما ذكرتم على أنهم كانوا يغسلون موتاهم مجردين؛ فيدل على أن ذلك هو السنة، وغسله- عليه السلام- في قميصه يكون من خصائصه.
قلنا: لأجل ذلك ذهب بعض أصحابنا- كما حكاه ابن كج-[إلى] أن الأولى أن يجرد، لكن الجمهور على خلافه، وما قيل من أنهم كانوا يجردون موتاهم فهو سنة، فقد حكى القاضي الحسين أن بعضهم كان يغسل في قميص؛ ولذلك اختلفوا، وإذا كان كذلك فكل سنة، وما صرنا إليه أولى؛ لما ذكرناه، وعلى تقدير أن يكون الأمر كما قيل فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يختار أن يفعل به إلا ما هو الأولى، ودعوى أن ذلك من خصائصه يقدح فيها ما روي أن سعد بن أبي وقاص لما حضرته الوفاة قال لأهله: اصنعوا بي كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر ذلك منكر؛ فدل ذلك على أن هذا ليس مما اختص به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.