نحو من ذلك كما قيل، ولو جعل لكل عضو خرقة لكان أولى، قاله أبو الطيب وابن الصباغ، والذي نص عليه الشافعي في القديم و"الأم": أنه يعد خرقتين نظيفتين قبل غسله [يغسل بهما]، والله أعلم.
قال: ويوضئه وضوءه للصلاة؛ لأن ذلك مشروع في غسل الحي، فكذا في غسل الميت [ويدخل في ذلك المضمضة والاستنشاق؛ لأنهما من الوضوء، وقد صرح بذلك البندنيجي والقاضي الحسين وغيرهما من الأصحاب، مستدلين] بما رواه مسلم عن أم عطية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أمرها [أن تغسل] ابنته قال: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها"، وموضع المضمضة والاستنشاق من مواضع الوضوء.
قال الإمام: وظاهر ما قاله الأصحاب أنه يوصل الماء إلى داخل فيه وأنفه، ولا يكتفي بإيصال الماء إلى مقادم الثغر والمنخرين، وكان شيخي يقول: يكتفي بإيصال الماء إلى ثغره ومنخريه، وهذا معنى المضمضة، وكذلك القول في المنخرين. والذي أرى القطع به أن أسنانه إن كانت متراصة فلا ينبغي أن يتكلف الغاسل فكها وفتحها لمكان المضمضة، وإن كان فمه مفتوحاً؛ ففي إيصال الماء إلى داخل فمه وأنفه تردد بين الأئمة، والسبب فيه: أنه قد يبتدر الماء إلى جوفه؛ فيكون ذلك سبباً في تسارع الفساد والبلى إليه، ونحن مأمورون برعاية صونه جهدنا، وإن كان مصيره إلى البلى، وهذا من الإمام إشارة إلى تحرير محل الخلاف بين شيخه وما اقتضاه كلام غيره من الأصحاب، ولا جرم اقتصر الغزالي على إيراده، وقد اقتضى كلام القاضي أبي الطيب وابن الصباغ وغيرهما من الأصحاب- كما قال الرافعي- أن المراد بالمضمضة والاستنشاق: ما ذكرناه من إدخال الإصبع في الفم والمنخرين، وأن كلام الأكثرين