فقال: إذا فرغ من غسله أعاد تليين مفاصله على ما وصفنا عقيب موته، وأنه قال في "الجنائز الصغير": وألصق يديه بجنبيه، وصف بين قدميه، وألصق إحدى ركبتيه بالأخرى، وضم إحدى فخذيه بالأخرى، ثم ينشف بعد ذلك بثوب، لتزول الرطوبة [عنه].
قال: فإن خرج منه- أي: من قبله أو دبره- بعد الغسل شيء أعيد غسله؛ لأن الخارج ناقض لحكم الطهارة، وليس للميت طهارة غير الغسل، وهذا ظاهر النص فإنه قال: فإن خرج من قبله أو دبره شيء أنقاه بالخرقة، وأعاد غسله. قال الماوردي وأبو الطيب: وبه قال ابن أبي هريرة.
وقيل: يوضأ كالحي، قال البندنيجي: وهذا قول ابن أبي هريرة، وقال أبو الطيب: إنه قول أبي إسحاق.
وقيل: يكفيه غسل المحل كمن أصابته نجاسة من غيره، وهذا ما صار إليه الأكثرون، كما قال البندنيجي، وأبو إسحاق، كما قال الماوردي، وحمل قوله: وأعاد غسله، على غسل المحل، أو ذكره استحباباً، وهذا القول صححه النواوي وغيره، أما إذا خرجت النجاسة من غير السبيلين فعلى الصحيح يغسلها فقط، وعلى الوجه الصائر لإيجاب الوضوء، قال الإمام: فلا شك [في] أنه عول فيه على نجاسة تبدو من أحد السبيلين.
وعلى الوجه الأول قال الإمام: ففي إيجاب إعادة الغسل احتمال عندي من جهة أن هذا القائل يرى السبب الظاهر في الغسل التنظيف، وهذا يستوي فيه كل نجاسة ومحل.
قلت: وما ذكره من العلة يقتضي عدم إيجابه أيضاً؛ لأن ذلك لا ينقض الطهارة.
ولو لمس رجل امرأة ميتة بعد غسلها، فإن قلنا: يجب إعادة الغسل أو الوضوء بخروج الخارج- فكذلك هاهنا، كذا أطلقه صاحب "التهذيب". وذكر غيره أن هذا الجواب مبني على أن الملموس ينتقض طهره، [وبه] صرح القاضي الحسين في تعليقه، ولو قلنا: لا يجب إلا غسل المحل، فلا يجب هاهنا شيء. ولو كان اللمس حال أن غسلها، قال القاضي الحسين في "تعليقه": صح غسله، ولا يبنى على القولين في انتقاض طهر الملموس؛ لأن الشرع أذن له، وأما وضوء الغاسل