الشرط فلذلك استعمل فيه لفظ التعقيب دون الجمع.
فإن قيل: سلمنا أنه توجبه هنا, لكن المعقب هنا غسل جميع الأعضاء, ولا
يمكن التعبير عنها مفصلة إلا بذكر اسم كل واحد منها؛ فيقع ذكر الأول من
ضرورة التفصيل, ونظيره قول القائل لغلامه: "إذا دخلت السوق, فاشتر اللحم
والفاكهة والخبز"؛ فإنه لا يقتضي الترتيب في الشراء.
وجوابه أن قوله - عليه السلام- في الحديث الذي سنذكره: "ثم يغسل وجهه
كما أمر الله - تعالى- ثم يغسل قدميه مع الكعبين؛] كما أمر الله] " - يدل
على أنه مقصود في نفسه.
الوجه الثاني: أنه ذكر ممسوحا بين مغسولين, ومن عادة العرب أن تجمع بين
المتجانسين إلا لفائدة في إدخال غير جنسه فيما بين جنسه؛ فلولا أن الترتيب
مستحق, لجمع بين المتجانسين.
وقد اعترض بعضهم على هذا, فقال: الترتيب وقع في الآية؛ لبيان أن أعضاء
الحدث انقسمت إلى مكشوف - غالبا -: كالوجه واليدين؛ لتعرضهما للتلوث,
والوجه أشرفهما؛ فلذلك قدمه؛ كما قدمت اليمين على اليسار, ثم قدمت الرأس على
الرجلين؛ لأنه أشرف المستورين.
وأما السنة: فما روى مسلم عن عمرو بن عبسة قال: "قلت: يا رسول الله, أخبرني
عن الوضوء؛ فقال: ما منكم من أحد يقرب وضوءه ثم يتمضمض ويستنشق - إلا