للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: قد قال الجيلي: إن في "اللباب" و"شرح" المزني أن التكبيرة الأولى واجبة، والزيادة على الواحدة سنة، وهذا يعضد ما قاله الإمام، والكل غير معدود من المذهب، والوجه القطع بحمل ما قاله الشافعي على حكاية مذهب الغير.

قال: ومن سبقه الإمام ببعض التكبيرات دخل [معه] في الصلاة، أي: سواء وافى دخوله في الصلاة تكبيرة الإمام أو لا، وأتى بما أدرك؛ لقوله- عليه السلام- "فما أدركتم فصلُّوا"، ولا يمكنه أن يصلي ما أدركه معه إلا بتقديم التكبيرة، ولأنه أدرك جزءاً مع الإمام بتقدم التكبير؛ فجاز أن يأتي بها كما يأتي بالتكبير قياساً على سائر الصلوات، ثم ما أدركه يكون أول صلاته فيمشي على ما تقتضيه صلاة نفسه، فإن أدركه بين التكبيرة الأولى والثانية أو بين الثانية والثالثة أو بين الثالثة والرابعة- قرأ الفاتحة إن تمكن من قراءتها قبل شروع الإمام في تكبيرة أخرى، ولو شرع الإمام في تكبيرة أخرى قبل استكمال المأموم الفاتحة فهل يقطعها ويتبعه أو يكملها؟ فيه وجهان؛ كما لو قرأ المأموم بعض الفاتحة ثم ركع الإمام، قال ابن الصباغ: والأصح الأول، وبه جزم القاضي الحسين والماوردي فيما إذا كان قد أدركه بين الأولى والثانية.

قال الرافعي: وصاحب الكتاب- يعني الغزالي- أجاب بالوجه الثاني حيث قال ثمَّ: إن لم يتمكن من التكبيرة الثانية [مع الإمام- لعدم إتمام الفاتحة- صبر إلى التكبيرة حتى يتمها، ويؤخر تكبيرته الثانية] إلى أن يكبر الإمام الثالثة.

وقال الإمام: إن في تشبيه ما نحن فيه بما تقدم فيه نظر عندي؛ فإن المسبوق في سائر الصلوات لو أدرك الإمام راكعاً صار مدركاً للركعة بإدراك ركوعها، ومن أدرك الإمام في صلاة الجنازة مع التكبيرة الثانية لم نجعله مدركاً للصلاة من أولها، وليست مبادرة الركوع بمثابة مبادرة التكبيرة الثانية فليفهم الناظر ذلك، ولكن إن كان يعذر في ترك بعض القراءة حتى لا يسبقه الإمام فقد يتجه ذلك على بعد.

وهذا ميل إلى ما جزم به الغزالي، ولا شك في جريان الوجه الثالث المذكور في الصلاة هاهنا، [وبه] صرح الفوراني.

<<  <  ج: ص:  >  >>