للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، وقال الإمام: إن الشيخ أبا علي قال: إنا إذا جوزنا الصلاة عليه فلا يجوز أن يصلي عليه جماعة، بل يصلي عليه أفراداً، ونسب الرافعي ذلك إلى أبي الوليد النيسابوري.

قال الإمام: وهذا القائل يحمل المنع من اتخاذ القبر مسجداً على إقامة الجماعة، وينزل القبر في ذلك منزلة [المساجد المهيأة] للجماعات.

وقيل: يصلي عليه من كان من أهل الصلاة عليه عند الموت، أي: ولا يصلي عليه غيره؛ اعتباراً بأهلية الخطاب بالصلاة عند السبب، وهذا ما ذهب إليه الشيخ أبو زيد، وقال الفوراني والرافعي والبندنيجي: إنه الأصح، لكن ما المراد بالأهلية: هل أهلية الوجوب أو أهلية الصحة؟ فيه خلاف بين الأئمة حكاه الإمام وغيره:

فالذي ذهب إليه القاضي أبو الطيب والحسين والمصنف: الأول؛ حيث قالوا تفريعاً عليه: إن من كان غير بالغ حين الموت أو ولد بعد موته لا يجوز أن يصلي عليه، ووجهه القاضي حسين بأنه يكون متبرعاً، ولا يتطوع بصلاة الجنازة، بخلاف من كان من أهل الفرض عند الموت؛ لأن الخطاب بها متوجه على الجميع، فإذا أوقعت وقعت فرضاً، وهذا التوجيه يقتضي ألا تصح صلاة الصبي المميز على الجنازة بعد أن صلى عليها من سقط الفرض به، بل مع من يسقط الفرض به، ولا قائل به، وقد اختار هذا الوجه الصيدلاني أيضاً.

والذي حكاه البندنيجي والفوراني: الثاني، لأن عبارة البندنيجي في حكاية هذا الوجه: أنه يصلي عليه من كانت تصح صلاته عليه عند الموت وهو البالغ أو المراهق. وعبارة الفوراني كعبارة الشيخ، وعقبها بقوله: حتى لو كان صبياً عند موته كان له الصلاة عليه.

وقضية الوجهين: أن من كان مفقوداً أو غير مميز أو مجنوناً عند الموت لا يصلي عليه، وبه صرح الأصحاب، وكذا قضيتهما ألا تصلي عليه الحائض عند موته إذا طهرت بعد دفنه؛ لأن الحيض ينافي صحة الصلاة ووجوبها.

قال الإمام: ولكن هي على الجملة ممن يخاطب، فالذي أراه: أنها تصلي إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>