ثم قال الإمام: ويبعد عندي في كل طريق أن تثبت أمية الولد، ولا يوجب دفنه وكفنه في خرقة.
وبعضهم فرق بين ما نحن فيه وأمية الولد: بأن أمية الولد تثبت بالإحبال، وقد تحقق، وما نحن فيه [أحكام] تابعة للموت ولم تثبت له حياة.
أما إذا كان أوائل التخليق يتخلف عنه نفخ الروح بزمان بعيد- كما يقتضيه ظاهر الخبر لولا السياق- فيحتاج أن نفصل، ونقول: من لم ينفخ فيه الروح إن لم تبد فيه أوائل التخليق فالحكم كما سبق، وإن بدت كان في غسله والصلاة عليه الأقوال الثلاثة التي حكاها الشيخ أبو علي، ويكون التكفين والدفن واجباً قولاً واحداً، فتأمل ذلك، والله أعلم.
قال: وإن اختلط من يلصى عليه بمن لا يصلى عليه، أي: كما إذا اختلط موتى المسلمين غير الشهداء بموتى الكفار [أو بالشهداء] الذين لا يصلى عليهم كما قال البندنيجي- صلى على كل واحد منهم، أي: منفرداً، وينوي أنه الذي يصلى عليه، أي: ينوي أنه يصلي عليه إن كان مسلماً؛ لأن الصلاة على المسلمين واجبة، وعلى الكفار حرام، وتحصيل الواجب يمكن تخصيصه بالنية فتعين، وعبارة الشيخ هي المعزية في "الذخائر" للشيخ أبي حامد، ولم يورد الماوردي غيرها، وبها صدر القاضي الحسين كلامه، وقال: إنه يقول: اللهم اغفر له إن كان مسلماً. ثم قال: وإن صلى عليهم، أي جميعاً، ونوى به المسلمين منهم- جاز؛ لأن النية تميزهم. وهذا الذي قاله أخيراً هو الذي أورده البندنيجي، وابن الصباغ، والشيخ في "المهذب" وغيرهم، وعبارة القاضي أبي الطيب تحتمل الأمرين.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون من لا تجوز الصلاة عليه أقل ممن تجوز الصلاة عليه أو أكثر، خلافاً لأبي حنيفة في الأكثر.
وقال الشافعي رداً عليه: إذا جاز أن نستثني واحداً مشركاً من مائة مسلم جاز أن نستثني أكثر المائة؛ لأن المقصود في الحالين الصلاة على المسلم دون المشرك.