للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ينصرف بعد أن يقف ويدعو للميت بالتثبيت، ويستغفر له بعد فراغ الدفن، وهو أكمل الأحوال؛ لما ستعرفه.

واعلم أن الشيخ استغنى بقوله: "ثم يدفن، وهو فرض على الكفاية" [عن أن يقول في الحمل إذا احتيج إليه: إنه فرض على الكفاية]؛ لأن الدفن لا يتصور- حينئذ- إلا به، أما إذا لم يحتج إليه: بأن أريد دفنه في الموضع الذي كفن فيه وصلي عليه، فقد سقط الحمل بالكلية.

قال: والأولى أن يتولى ذلك- أي: الدفن- من يتولى غسله؛ أي: من الرجال، رجلاً كان الميت أو امرأة؛ لأنه يكون أرفق به، وقد يطلع غاسله على شيء يكره فلا ينبغي أن يراه غيره.

أما النساء فلا يباشرن الدفن عند وجود الرجال وإن كان الميت امرأة: لأنه يحتاج إلى قوة وبطش يضعف عنه النساء، وهو لا يمكن إلا بتكشف من المباشر، وهن مأمورات بالستر، وهذا ما أورده الجمهور، وعليه نص الشافعي في "المختصر" حيث قال: لا يدخل الميت في قبره إلا الرجال ما كانوا موجودين، ويدخله منهم أفقههم وأقربهم رحماً، ويدخل المرأة زوجها وأقربهم بها رحماً، وعن صاحب "العدة" تقديم نساء القرابة على الرجال الأجانب في دفنها.

وقال البندنيجي: إن الشافعي قال في "الأم": أستحب أن يكون الذي يحملها من المغتسل إلى الجنازة، ومن الجنازة إلى من في القبر: النساء. فأما إدخالها القبر: فإن كان لها زوج كان أولى من كل أحد، فإن لم يكن لها زوج تولاه من عصباتها المحارم على الترتيب في الغسل، فإن لم يكن لها محارم تولاه من له ذات رحم محرم كالخال وأبي الأم والعم للأم، فإن لم يكن قال في "المهذب" و"الوسيط" وغيرهما: تولاه عبيدها، وهم أولى من بني العم؛ لأنهم كالمحارم في جواز النظر ونحوه على الصحيح، قال الرافعي: فإن ألحقناهم بالأجانب فلا يتوجه تقديمهم. وأبدى الإمام- مع القول بجواز النظر ونحوه- الاحتمال من جهة أخرى، وهي أن ملكها ينقطع بالموت، وشبهه بالتردد السابق في غسل الأمة

<<  <  ج: ص:  >  >>