قلت: لا؛ لأنه لو كان كالمعدوم لما صحت صلاة من ستر به عورته، وهي صحيحة، بل الخلاف فيه مخرج على الخلاف الآتي في الثوب المغصوب.
وقال في "الروضة": ينبغي أن يقطع بأنه لا ينبش.
وعن "الفتاوى" القطع بمقابله ما لم يؤد إلى هتك حرمته وتفتت أجزائه.
قال: وإن وقع في القبر شيء له قيمة، نبش وأخذ، أي: إذا طالب به صاحبه؛ لما روي أن المغيرة بن شعبة طرح خاتمه في قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: خاتمي، ففتح موضعاً فيه فأخذه، فكان يقول: أنا أقربكم عهداً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولأنه يمكن رد المال على صاحبه من غير ضرر؛ فلم يجز منعه منه، وهذا ما نص عليه في القديم والجديد معاً.
وقد أفهم كلام الشيخ أموراً:
أحدها: أنه ينبش إذا دفن في أرض مغصوبة؛ لإمكان ردها، وبه صرح الأصحاب، ونص عليه، لكن الأولى لصاحبها ألا يطلب ذلك، وبعضهم يقول: يكره له ذلك، ولا فرق فيه بين أن يتغير أو لا؛ لأن حرمة الحي أولى.
قال الإمام: ويجوز أن يظن ظان تركه؛ فإنه سبيلي عن قرب، وتنزل حرمة الميت بمنزلة حرمة الحي فيما هذا سبيله.
الثاني: أنه لو دفن في كفن مغصوب أو مسروق أنه ينبش ويؤخذ؛ لأنه مال الغير، وقد حصل في القبر على وجه العدوان؛ فكان أولى بالنبش، وقد قال الأصحاب: هل ينبش؟ فيه ثلاثة أوجه:
أظهرها- كما قال الرافعي، وهو المذكور في "التهذيب" و"الوجيز"-: نعم، كما ينبش لرد الأرض، ويشق جوفه لإخراج ما ابتلعه، وإن كان فيه هتك حرمته.
والثاني:[لا]، وهو المذكور في "الشامل"؛ لأن في انتزاعه عنه هتكه، بخلاف النقل والشق، ولأنه قد أشرف على الهلاك بالتكفين، بخلاف الأرض؛ فأعطي حكم الهالك، وهذا إذا أمكن أخذ القيمة، فلو عسر أخذها في الحال، قال الإمام: ففي النبش احتمال ظاهر.