فلذلك شابه الزائل عن ملكه، ولا كذلك في مسألتنا إذا قلنا: التعلق تعلق جناية؛ لأنه لا يتعين مال الزكاة للتصرف؛ فامتنع الخلاف وقد قال الرافعي: إنه يجوز أن يفرض خلاف في وجوب الزكاة من جهة تسلط الغير عليه، وإن قلنا: إن الدين لا يمنع وجوب الزكاة.
وقد أفهم كلام الشيخ: أن الزكاة على القول الأول تجب في السنة الثانية إذا لم يخرجها من المال، وهو قدر النصاب؛ إذ المسألة مصورة بذلك، وبه صرح في "المهذب" هكذا، ولا شك في ذلك إذا كان قد أخرجها من غير المال، أو لم يخرجها وكان له مال غير زكاتي يمكن إخراجها منه، على أنه يجيء في هذه الحالة احتمال من الذي حكيناه عن الإمام في أن الدين في مثل هذه الصورة هل يمنع الوجوب أم لا؟ أما إذا لم يكن له مال آخر فالذي يظهر أن يقال: لا تجب الزكاة جزما؛ لأنا قد قلنا: إن كونها تتعلق بالذمة هو القديم، والقديم: أن الدين يمنع وجوب الزكاة، سواء فيه دين الله تعالى ودين العباد، اللهم إلا أن نقول: العلة في كون الدين مانعاً من الوجوب تثنية الزكاة؛ فإن الزكاة هاهنا تجب؛ إذ لا تثنية، والأصحاب قالوا في هذه الصورة: إن قلنا: الدين يمنع وجوب الزكاة، لم تجب، وإن قلنا: لا يمنع الدين الوجوب- كما هو الجديد- وجبت. وفي ذلك نظر؛ لأنه كيف يكون التفريع على الجديد، ونحن قائلون بالقديم؟ نعم، ذلك متجه فيما إذا كان المال إبلا واجبها الغنم؛ فإن قلنا: إن في الجديد قولا يوافق القديم: أن الزكاة تجب في الذمة، فحينئذ يكون الجديد قد فرع على القديم، ولا منع من ذلك.
ثم على تقدير ما قالوا من التفريع: ينبغي إذا قلنا: الدين لا يمنع الوجوب، إن تبينا الأمر بعد ذلك على أن للزكاة تعلقاً بالعين على هذا القول أو لا، فإن قلنا: لا تعلق لها بالعين أصلاً، فالحكم كما ذكروه، وهو الوجوب، وإن قلنا: لها تعلق بالعين تعلق رهن- كما قاله كل العراقيين والبغوي وبعض المراوزة- فينبني على أن الرهن هل يمنع الوجوب، أم لا؟ فإن قلنا: لا يمنع كما هو المشهور وجبت، وإلا فلا.
وقد أشار إلى هذا الرافعي بعد حكايته عن الإمام أن الحكم فيما إذا قلنا: إنها