وقد روي أن أهل الشام كتبوا إلى عمر فقالوا: كثر عندنا الخيل والرقيق فتركه لنا، فقال: لا آخذ شيئاً لم يأخذه صاحباي، وسأستشير فاستشارهم فقالوا: حسن، وفيهم علي ساكت فقالوا: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال: لا بأس إن لم يكن جزية راتبة من بعد، فأخذ عمر من كل عبد عشرة دراهم، ورزقه جريبين، ومن كل فرس عشرة دراهم، وجعل له عشرة أجربة شعيرا، قال أبو إسحاق: فأعطاهم أكثر مما أخذ منهم. والدلالة من هذا الأثر من وجوه:
أحدها: أنهم سألوه، ولو كانت واجبة لبدأهم.
والثاني: أنه قال: لم يأخذها صاحباي. ولو كانت واجبة لأخذاها.
والثالث: أنه استشار، ولو كان نص لما استشار.
الرابع: أن عليا قال: إن أمنت ألا تكون جزية راتبة فافعل، ولو وجبت لكانت راتبة.
والخامس: أن عمر أعطاهم في مقابلتها رزقا، ولو كانت واجبة لم يعطهم شيئاً.
ومن جهة المعنى: أن كل جنس من الحيوان لا تجب الزكاة في ذكوره إذا انفردت لا تجب في ذكوره وإناثه كالحمير والبغال، وعكسه المواشي، ولأن ذلك يقتنى للزينة والاستعمال لا للنماء؛ فلم يحتمل الزكاة كالعقار والأثاث.
واحتاج الشيخ إلى بيان ما تجب فيه الزكاة من المواشي وما لا تجب فيه؛ لأنه