للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ومما قاله المتولي يظهر لك أن ابتداء الحول الثاني يكون من حين انقضاء الأول، وهو الذي أورده ابن الصباغ والإمام وغيرهما، وادعى في "البحر" أنه لا خلاف في ذلك، وفي "تعليق" القاضي الحسين أن بعض أصحابنا قال على القول بأن التمكن شرط الوجوب: إن ابتداء الحول الثاني من حين [انقضاء] التمكن، كما قال الإمام مالك رحمه الله.

قلت: ويمكن أخذه مما حكيناه عن رواية أبي علي الزجاجي قولاً: أن الزكاة في المال المغصوب والضال للحول الأول دون ما عداه إن كان القول منصوصاً؛ كما أشرت إليه من قبل، وإن لم يكن منصوصاً - بل مخرجاً- فيكون قائله هو الصائر إلى ابتداء الحول الثاني من حين التمكن، وعلى هذا فيظهر أن نقول: الوجوب إنما هو عند التمكن لا أنه عند التمكن يظهر أنه كان واجباً عند تمام الحول، والتمكن المشار إليه في الأموال الباطنة: أن يكون المال حاضراً عنده، وقد وجد أهل السهمان، أو الإمام أو نائبه، فلو كان المال غائباً في موضع آخر قال الرافعي: فلا تمكن، سواء جوزنا نقل الصدقة، أو منعناه.

وفي شرح ابن التلمساني أنا إذا تحققنا بقاء المال في حال الغيبة، وقلنا: يجوز نقل الصدقة- فقد تحقق الإمكان.

قلت: ولا يعكر على ما قاله الرافعي ما حكيناه عنه وعن غيره في المال الغائب آنفاً؛ لأنه يحتمل أن يكون مرادهم ثم الإخراج في بلد المال، لا في غيره، وإن جوزنا النقل وهذا لا يفهم إلا بمطالعة ما تقدم.

ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يطلب الإمام أو نائبه أو أهل السهمان منه ذلك، أو لا كما قاله أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما، لكن الماوردي قال: التمكن يكون بمطالبة الإمام العادل، أو حضور أهل السهمان. وهذا يفهم اشتراط مطالبة الإمام دون أهل السهمان وكذا كلامه الذي سنذكره من بعد.

والحكم في الأموال الظاهرة، كما تقدم إن قلنا: يجوز لرب المال تفرقة زكاتها بنفسه، وإلا فالتمكن أن يجد الإمام أو نائبه في قبضها.

وقال الماوردي: التمكن على هذا: أن يطالبه الإمام العادل بها. وقال القاضي

<<  <  ج: ص:  >  >>