ثم المراد بالمراح: الموضع الذي تبيت فيه الماشية وهو بضم الميم وبالمسرح: الموضع الذي ترعى فيه، كذا حكى عن الشيخ أبي حامد، وهو الذي قاله أبو الطيب، والبندنيجي، والقاضي الحسين، والماوردي، وكلام الغزالي يقتضي أنه غيره؛ فإنه قال: يشترط اتحاد المسرح والمراح والمرعى [والمشرع].
قال الرافعي: وكلام كثير من الأئمة يوافقه، قال: وليس ذلك في الحقيقة اختلافاً، ولكن الماشية إذا سرحت عن أماكنها تجيء قطعة قطعة، وتقف في موضع، فإذا اجتمعت امتدت إلى المرعى، فكأن بعضهم أطلق اسم "المسرح" على ذلك الموضع وعلى المرتع نفسه؛ لأن الإبل مسرحة إليها، ومنهم من خص اسم "المسرح" بذلك الموضع.
والمراد بالمشرب: الموضع الذي يشرب منه الماء، عيناً كان أو نهراً أو بئراً.
وبالفحل: الذي يضربها واحداً كان أو أكثر، سواء كان مشتركاً بينهما أو لأحدهما أو مستعاراً، وهذا ما أورده العراقيون والماوردي، وقال القاضي [الحسين]: قال الشافعي: "ويكون فحولها مختلطة"، فاختلف أصحابنا في ذلك:
فمنهم من قال: أراد به أن يكون الفحل مشتركاً، بينهما [وهو المحكي عن رواية الشيخ أبي محمد أيضاً.
قال القاضي]: والأكثرون [قالوا]: أراد به ألا يميز كل واحد منهما ماشيته عند الإنزاء، ويكون الفحل بينهما مرسلا ينزو.
كلام الغزالي يحتمل إجراؤه على هذا الخلاف؛ فإنه قال الاشتراك: في الراعي والمحلب والفحل فيه وجهان. وفي بعض الشروح أن بعض الخراسانيين قال: إن اشتراط الاشتراك في الفحل مخصوص بما إذا اتحد النوع، فإن اختلف كالضأن والمعز فلا يضر اختلاف الفحل؛ للضرورة. قلت: وحقيقة ذلك ترجع إلى أنا على الأول لا نثبت حكم الخلطة عند اختلاف نوع المال، إذ لا اشتراك في الفحل مع اختلافه، ولكن نثبتها عند اتحاد النوع، إذ في تلك الحالة يتصور الاشتراك، وعلى الثاني نجوزها في الحالين، لكن لابد مع اتحاد النوع من الاشتراك فيه؛ للخبر.