فمنهم من قال: مراده أن يكون [موضع حلابهما واحداً كما نص عليه في "الإملاء".
ومنهم من قال: مراده أن يكون] الإناء الذي يحلب فيه واحداً، وأن يخلط اللبن بعد الحلب؛ لأن ذلك أرفق، وأقل مؤنة، قال القاضي أبو الطيب: وهو الذي عليه عامة الأصحاب، وهو ظاهر النص، ولا يقال: إن خلط اللبن يؤدي إلى الربا؛ لاحتمال أن يكون لبن أحدهما أكثر من لبن الآخر؛ لأنا نقول: ما كان موضوعاً على الرفق والمساهلة سقط [اعتبار الربا فيه] كما قلنا في مسافرين خلطوا أزوادهم؛ فإنه يجوز أن يتفاوت أكلهم، ولم يمنع ذلك من الخلط؛ فكذا هنا.
ومنهم من قال: المراد: أن يكون الحالب واحداً والإناء واحداً مع خلط اللبن.
ومنهم من قال: المراد: أن يكون الإناء واحداً والحالب واحداً، فأما خلط اللبن فلا يشترط؛ لأن اللبن نماء فلا يعتبر فيه الخلط كالصوف، بل لا يجوز خلط اللبن؛ لأنه يفضي إلى الربا، وما ذكر من دفع ذلك قياساً على أزواد المسافرين، فالفارق قائم، وهو أن المقصود هاهنا التمليك وهو مما يشاحح فيه، وفي أزواد المسافرين الإباحة ولا مشاححة وهذا ما ادعى البندنيجي أنه المذهب.
ثم دليل اعتبار هذه الأشياء ما تقدم من الخبر؛ لأنه نص فيه على البعض، ونبه به على الباقي بجامع طلب خفة المؤنة، وقد اشترط بعض الأصحاب نية الخلطة في الوجوب وفي منعه، حتى إذا جمع الرعاة الماشية واتصفت بصفات الخلطة لا تجب الزكاة، كما قيل بمثل ذلك في قصد السوم والعلف، والمذهب في "تعليق" البندنيجي: عدم الاشتراط، وهو المختار في "المرشد"؛ لأن المصلحة حاصلة وإن لم يقصد.
وقد أفهم كلام الشيخ أنه لا فرق فيما ذكره بين أن يكون النصاب مشتركاً بينهما على التساوي أو على التفاضل، وكذا في خلطة الجوار، وهو الذي صرح به الأصحاب.
واحترز بقوله:"من أهل الزكاة"، عما إذا كان بين نفسين أحدهما من أهل الزكاة والآخر ليس من أهلها، كالمكاتب والذمي؛ فإن الزكاة لا تجب لعدم تأثير