ولو وجد البيع في الصورتين ولم يتصل به التسليم، قال القاضي الحسين والماوردي: فإن قلنا بوجوب الزكاة في المبيع قبل القبض عند الانفراد [على المشتري] فالحكم كما تقدم، وإلا فلا يجب، قال القاضي: وهل تجب على البائع في نصيبه؟ يحتمل وجهين:
أحدهما: لا؛ لأن ماله يختلط بمن لا زكاة في ماله؛ فأشبه ما لو كان خليطه مكاتباً.
الثاني: تجب، ويخالف ما لو كان خليطه مكاتباً؛ لأن المكاتب لم يكن من أهل وجوب الزكاة، وخليطه هاهنا من أهل الوجوب عليه.
وبقوله:"زكيا زكاة المنفرد"، الاحتراز عن وجه رواه الإمام في صدقة الفطر عن حكاية الشيخ أبي علي، فيما إذا كان بينهما أربعون من الغنم لأحدهما عشرون من الضأن، وللثاني عشرون من المعز، فأراد كل واحد منهما أن يخرج نصف شاة من نوع ما يملك- أنه يجوز؛ لإمكان تميز الملكين، والمذهب: أنه لا يجوز إلا ما يجزئ أحدهما لو انفرد بالنصاب المذكور، وما حكاه أبو علي في نهاية الضعف، قال الإمام: وهو مفسد لقاعدة الخلطة.
واعلم أن الحكم فيما إذا كان بين أنفس من أهل الزكاة نصاب مشترك من الماشية أو نصاب غير مشترك، كالحكم فيما إذا كان بين نفسين بلا خلاف.
قال: فإن أخذ الساعي الفرض من نصيب أحدهما رجع على خليطه بالحصة، أي: بقيمة الحصة؛ للخبر فإنه اقتضى التراجع، وهو رجوع كل منهما على صاحبه بشيء؛ فرجوع أحدهما من طريق الأولى، ومثال رجوع أحدهما على صاحبه فقط: أن يكون بينهما خمس من الإبل، أو خمس وعشرون منها أو ثلاثون من البقر أو أربعون منها، أو أربعون من الغنم، ونحو ذلك، والخلطة خلطة جوار، ويكون الرجوع بالنسبة: فإذا كان بينهما أربعون من الغنم نصفين رجع الدافع [بنصف قيمة] الشاة. وإن كان لأحدهما ثلاثون ولآخر عشر، وأخذ الشاة من صاحب العشر- رجع على رفيقه بنصف قيمتها، وربع قيمتها، ولو كانت من غنم الآخر رجع على خليطه بربع قيمتها.