وفرعوا على القولين فقالوا: إن قلنا بالأول وجب عليه إذا أتلفها بعد الخرص قيمة العشر من الرطب، كما لو أتلفها أجنبي تفريعاً على الصحيح في أن الرطب لا مثل له.
وعن صاحب "التقريب" حكاية وجه آخر: أنه يضمن أكثر الأمرين من مكيلته تمراً جافاً أو قيمة العشر، كما أتلفه، وهو ما [حكيناه من رواية] الماوردي من قبل.
قال الإمام: وهو غريب لا أصل له، ولو أتلفها قبل الخرص لم يضمن إلا قيمة العشر من الرطب وحرام عليه قبل الخرص وبعده التصرف في الثمرة والأكل منها إلا في قدر ما يفضل وهو تسعة أعشارها كذا قال البغوي والإمام عن الأصحاب وأبدى فيه شيئاً سنذكره.
وقال القاضي الحسين- بعد حكاية ذلك-: وعندي: أنه لا يجوز له التصرف في تسعة أعشارها؛ لأن الملك المشترك لا يجوز لأحد الشريكين التصرف فيه دون إذن صاحبه، وإن قلنا بالثاني ثبت حق المساكين في ذمته بعد الخرص، وله أن يتصرف في جميع الثمرة بما يشاء ثم يغرم عشرها تمراً للمساكين وكذا إذا أتلفها. نعم، لو أتلفها قبل الخرص [هل] يضمن العشر تمراً أو يضمن عشر قيمة الرطب؟ فيه طريقان:
إحداهما- حكاها في "التتمة"-: القطع الثاني.
والثانية: فيها وجهان حكاهما القاضي الحسين وغيره عن القفال:
أحدهما: يضمن التمر؛ لأنه منع الخرص فصار كما لو خرص عليه ثم أتلفه.
والثاني: يضمن عشر قيمة الرطب؛ لأنه إنما ثبت التمر في ذمته بالخرص ولم يخرص عليه بعد.