يخرجه كان ذلك مناسباً؛ لقولنا: إن الزكاة تتعلق بالعين تعلق رهن.
قلت: وما قاله من الجزم بإيجاب التمر على كل حال هو ما أورده في "المختصر" حيث قال: "وإن أكل رطبا ضمن عشره تمراً"، ولم يورد القاضي أبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ غيره؛ لأن رب المال وجب عليه تجفيف هذا الرطب وتمريته، فلهذا ألزمناه عشره تمراً، بخلاف الأجنبي فإنه [لم] يلتزم ذلك وضمان المتلف قد يختلف باختلاف المتلفين؛ ألا ترى أن من وجبت عليه شاة من أربعين، وأتلف الأربعين يلزمه شاة ولو أتلفها أجنبي وجب للفقراء القيمة، ولو أتلف المحرم صيداً مملوكاً ضمنه بالجزاء والقيمة، وغيره يضمنه بالقيمة فقط، ولو عين أضحية وأتلفها ضمنها بأكثر الأمرين، ولو أتلفها غيره ضمن القيمة فقط، ولو وطئ امرأة بشبهة فعلية مهر المثل، فإن كان من العشيرة خفف عنه، وإن كان من غير العشيرة غلظ عليه؟ قاله البندنيجي وغيرهظ
وأما ما ذكره الرافعي من التوجيه لما ذكره فهو ظاهر على قولنا: إن الزكاة تجب في الذمة دون ما إذا قلنا لا تتعلق بالذمة وتجب في العين؛ فإن فيه نظراً.
ثم هذا كله في الرطب الذي يتتمر كما صدرت الكلام به، أما ما لا يتتمر، أو وجب قطعه خوفاً من العطش فقد تقدم أن الواجب على رب المال إذا أتلفه بدل الرطب بلا خلاف، وتقدم الفرق بينهما.
فروع:
إذا سلمنا الثمرة إلى المالك أمانة أو مضمونة كما قال الماوردي وغيره وادعى هلاكها أو هلاك بعضها فقد حكينا النص فيه.
وقال الأصحاب: إنه ينظر، فإن أسنده إلى سبب كذبه الحس فيه، كما لو قال: هلكت بحريق وقع في الجرين ونحن نعلم أنه لم يقع في البحرين حريق أصلاً فلا يبالي بكلامه وأخذت منه الزكاة كما تقدم، وإن لم يكن كذلك نظر: إن أسنده إلى سبب ظاهر كالنهب والبرد والجراد ونزول العسكر نظر: فإن عرف وقوع هذا السبب وعموم أثره صدق ولا حاجة إلى اليمين، فإن اتهم في هلاك ثماره بذلك