قال الماوردي: واختلف أصحابنا في قوله: "فيطيف بها" هل هو على وجه الاشتراط أو الاحتياط؟ على ثلاثة مذاهب، أصحها: ثالثها، وهو إن كانت الثمرة بارزة عن السعف ظاهرة من الجريد- على ما جرت عادة العراق في تدليه- لم يكن شرطاً، وإن كانت الثمرة مستترة بالسعف مغطاة بالجريد – على ما جرت به عادة أهل الحجاز- كانت الإحاطة بالنخلة شرطاً في صحة الخرص؛ لأن ثمرها خفي.
قال: وإن كان جنساً واحداً أي: نوعاً واحداً، جاز أن يخرص الجميع دفعة لأن النوع الواحد لا يختلف غالباً عند الجفاف، وإن اختلف يسيراً فلم يمنع ذلك من تخريص جميعه كأعذاق النخلة الواحدة، فإذا أراد ذلك يعرف ما في كل نخلة من الرطب على النحو المتقدم ويجمع الجميع ثم يعرف ما يجيء منه تمراً.
قال: وأن يخرص واحدة واحدة؛ لأنه أبلغ في تحصيل المقصود فعلى هذا يفعل ما تقدم.
وقد أطلق أبو إسحاق المروزي قوله بأنه يجوز أن يخرص جميع ما في الحائط من الرطب، ثم يسقط منه قدر ما ينقص إذا يبس؛ لأنه أسهل.
قال البندنيجي: وهذا الإطلاق فاسد، بل الصواب: التفصيل كما تقدم.
وقد سكت الشيخ عن الكلام في عدد ذلك الخارص هاهنا، وتكلم فيه في باب القسمة.
وقال الأصحاب هاهنا: فيه طريقان:
أحدهما: قال ابن سريج وأبو إسحاق: يكفي فيه واحد [قولاً] واحداً كالحاكم.
وقال المزني وأبو سعيد الإصطخري في آخرين من أصحابنا: فيه قولان:
أحدهما: هذا، [وهو الذي] صححه الرافعي والمصنف في "المهذب".
والثاني: لابد من اثنين؛ كالمقومين.
كما حكى الطريقين ومن قال بهما: البندنيجي [والقاضي] أبو الطيب