ولأن الحلي من جنس الأثمان؛ فكانت الزكاة واجبة فيه قياساً على الدراهم والدنانير.
قال الإمام: ولا يخفى على ناظر في وجه الرأي أن هذا القول هو الأصح في القياس، والقائلون بالأول قالوا: هذه الأخبار متكلم في رواتها؛ حتى قال الترمذي: إنه لا يصح في هذا الباب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء. ولو صحت فهي منسوخة؛ لأن لبس الحلي من الذهب كان محرماً على النساء لأخبار دلت عليه ثم نسخ وأبيح لهن فسقطت فيه الزكاة .. وكذا قاله أبو الطيب. والحلي من الفضة فقد ذكرنا أن عائشة كانت لا تخرج زكاته وهي راوية المنع وهي لا تخالف الرسول إلا فيما علمته منسوخاً، كذا قاله البيهقي.
قال ابو الطيب: وجواب آخر: وهو أن الزكاة المذكورة في الأخبار محمولة على إعارة الحلي، لأنه روي عن [ابن] عمر وجابر وغيرهما أنهم قالوا: زكاة الحلي إعارته.
وذكر الماوردي هذا عن [رسول الله]- صلى الله عليه وسلم - وتوعده عليها بالعقاب- وإن كانت غير واجبة- حث عليها كما في قوله تعالى:{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}[الماعون: ٧].
والجواب عما ذكر من القياس: أن كونهما من جنس الأثمان لا يدل [على] أن الزكاة تجب فيهما؛ ألا ترى أن الماشية المعلوفة من جنس السائمة وحكمهما مختلف، وقد جعل الغزالي مأخذ الخلاف في الوجوب وعدمه مأخوذاً من أن مناط الوجوب في الذهب والفضة معناهما، وهو الاستغناء [عنهما] في عينهما؛ [إذ لا يرتبط بذاتهما غرض فبقاؤهما شبه يدل على الغنى، أو عينهما] كما في الربا؟ وفيه قولان: