بالضرب في الدراهم والدنانير حيث قلنا: إذا كان معه مائتا درهم مضروبة لم يجز أن يعطي خمسة دراهم غير مضروبة؛ لأن ضرب الدراهم والدنانير وطبعها أقيم مقام صفات الجنس من الجودة والرداءة؛ لجواز ثبوته في الذمة كثبوت ضمان الجنس، ولا كذلك الحلي، ويشهد لذلك: أن من أتلف على غيره دراهم [مضروبة] لزمه مثلها ولو أتلف حلياً مصوغاً لم يلزمه مثله مصوغاً.
قلت: وامتناع أخذ سبعة ونصف من غير الحلي مفرع على الجديد في أن الفقراء ملكوا من المال قدر الفرض، وعلى القول بثبوته في الذمة؛ لأن محذور الربا قائم فإنها إذا ثبتت في الذمة ثبتت بتلك الصفة.
ثم على قياس مذهب ابن سريج في جواز أخذ القيمة عن الفرض للضرورة يظهر جواز أخذ سبعة دراهم ونصف إذا كان نقد البلد دراهم كما نقول فيما إذا أتلف حلياً من ذهب ونقد البلد ذهب فإنه يجوز أخذ قيمته ذهباً، وإن زادت على وزنه على الأصح كما ستعرفه في باب الغصب، وبه صرح القاضي الحسين هنا، وقال: إن من قال بمقابله أخذه من قول الشافعي في الصداق: إذا أصدقها إناءين فانكسر أحدهما، يقوم [بالذهب إن كان فضة، وبالفضة إن كان ذهباً].
وما ذكرناه في كيفية أخذ زكاة الحلي جار في كيفية أخذ زكاة الآنية من الذهب أو الفضة إذا قلنا بجواز اتخاذهما، أما إذا قلنا بمنعه كانت كالسبائك والنقار، صرح به البندنيجي وغيره.
قال: وإن كان معداً لاستعمال محرم، أو مكروه، أو للقنية، أي محرمة كانت أو مكروهة، أو مباحة- وجبت فيه الزكاة ووجهه في الأولى: الإجماع كما قال الرافعي، وفي الثانية: أنه عدل به عن أصله بفعل غير مباح فسقط حكم فعله وبقي على حكم الأصل وهو وجوب الزكاة. وفي الثالثة: أنه مستغنى عنه ومرصد للنماء فهو كغير المصوغ، وهذا هو المشهور.
وللإمام احتمال في منع الوجوب في المعد للاستعمال [المحرم نذكره في آخر الباب وجوابه.