للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه إذا وجد من ليس بمالك للساحة، ولم يكن مالك الأرض محيياً على الابتداء؛ فكان لا يتبين لنا من الذي أحيا الأرض ابتداء- فهل له أخذه؟ فعلى وجهين، قال الإمام: والظاهر عندي أنه لا يضر أخذ الركاز من الأرض المملوكة ملكاً له، وإنما الخلاف في حكم التنازع، فإذا قال الواجد: كنت وضعته، فالقول قول من؟ فعلى ما ذكرناه من الوجهين، وهذا إذا وقع التنازع بعد إخراج الكنز، فلو وقع قبل إخراجه فالقول قول مالك الأرض مع اليمين بلا خلاف.

الرابع: أن الموجود في أرض الحربي بدار الحرب قبل تملكها يكون للحربي، ويكون أخذ المسلم له كأخذ مال الحربي، وقد قال في "الحاوي": إنه غنيمة يؤخذ خمسها، ولا يكون ركازاً. وأفهم كلامه أن هكذا الحكم فيما لو كان الآخذ يخفيه؛ لأنه قال عقيبه: وقال أبو حنيفة: "يكون غنيمة" كقولنا: لكن لا يؤخذ خمسها؛ بناء على أصله في أن ما غنم على وجه الخفية من غير إمام لا يخمس.

والمذكور في "تعليق البندنيجي" [وغيره] أنه يكون فيئاً، وللكلام في ذلك التفات على أن ما يؤخذ خفية هل يملكه أحد بجملته، أو يخمس؟ وفيه كلام يأتي في باب قسم الفيء.

ثم ما ذكرناه مصور بما إذا دخل دار الحرب بغير أمان، فإن دخلها بأمان وجب عليه رده للحربي، حكاه الشيخ أبو علي والقاضي الحسين؛ لأنهم في أمان منه، وليس هو في أمان منهم، وطرد ذلك فيما إذا وجده في الموات الذي يذبون عنه فقال: يجب رده إليهم.

وقد بقي من مسائل الباب ما سكت الشيخ عنه، وهو ما إذا وجد الركاز في الأماكن المشتركة بين المسلمين وغيرهم، وهي الشوارع ونحوها وكذا المساجد، وقد ألحق الماوردي الشوارع بالموات، وعليه جرى الغزالي، وتبعه ابن يونس.

<<  <  ج: ص:  >  >>