للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: نعم، وهو الذي أورده الإمام والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ؛ فإنه أولى [معتبراً فيما يعتمد] الاقتيات، والجبن ملحق به أيضاً، لكن هل يجوز اللبن مع وجود الأقط؟ أو يجوز عند عدمه فقط؟ فيه وجهان: الذي قاله أبو الطيب: الأول، والذي أفهمه كلام الشيخ أبي حامد: الثاني، وقال البندنيجي: إنه نص عليه في القديم.

والوجه الثاني: أنه لا يجوز اللبن مطلقاً، وهو ما ادعى الماوردي أنه الأصح، [و] الفرق بينه وبين الأقط: وثبت الأثر في الأقط وعدمه في اللبن، ولأن الأقط له حالة ادخار فجاز كالتمر، واللبن بخلافه فلم يجز كالرطب.

قلت: والفرق الأول يقتضي إلحاق الجبن باللبن في المنع، وهو ما حكاه في "البحر" عن بعض المراوزة، والفرق الثاني يقتضي إلحاقه بالأقط في الجواز؛ لأنه يدخر، قال في "البحر": وهو الأصح.

ولا خلاف أنه لا يجزئ السمن؛ لأنه ليس قوتاً، وكذا المصل والكشك، وهل يجزئ اللحم على قولنا بإجزاء اللبن؟ حكى الإمام عن رواية العراقيين فيه قولين، قال: وهو بعيد؛ فإن إلحاق الأقط بما قدمَّناه يقرب من إلحاق الشيء بالشيء إذا كان في معناه أو يتصل بالشبه الظاهر، واللحم بعيد عنه، ولكنهم اعتقدوا الأقط أصلاً للنص فيه، وترقوا منه إلى اللبن؛ لأنه قوت، [ثم] قالوا: إنما يقوت من حيث إنه عصارة اللحم، فارتقوا منه إلى اللحم، والذي جزم به القاضيان أبو الطيب والحسين والماوردي: [المنع، وعنه احترزنا في دليل قول إجزاء الأقط بقولنا: وهو مما يجزئ فيه الكيل.

وكل هذا في أهل البادية إذا كان ذلك قوتهم لا غير، لو كان لهم قوت غيره لم يجزئهم بلا خلاف، وكذا لو كان قوت أهل الحاضرة لا غير؛ لأن ذلك نادر. قاله الماوردي]، وقد حكى الرافعي في كتاب الظهار فيما إذ قلنا: يجزئ في كفارته الأقط، هل يختص بأهل البادية، أو يعم الحاضر والبادي؟ فيه وجهان عن رواية ابن كج، ولا بعد في مجيئهما هاهنا، وقد أورد الماوردي على ما حكاه سؤالاً

<<  <  ج: ص:  >  >>