زكاته لمن جبي مال غيره، وابن الصباغ قال في حكاية هذا الوجه: إنه يجوز الصرف إلى ثلاثة أنفس. وقريب منه قول الفوراني: إنه يجوز الصرف إلى صنف واحد. وذلك يحتمل أن يكون المراد صنفاً معيناً، وهو ما تقدم، ويحتمل أن يكون المراد أي صنف كان غير العامل، وبالثاني صرح الماوردي – حكاية عن الإصطخري – حيث قال: إنه يجوز الدفع إلى ثلاثة من أي صنف شاء، ولا يجوز أن يصرفها إلى أقل من ذلك. وصاحب "البحر" حكى هذه الطريقة وطريقة المتولي، وقد رأيت في شرح "التنبيه" لابن يونس: أن الخراسانيين نقلوا عن الإصطخري أنه جوز الصرف إلى واحد، وهو المحكي في "البحر" عن أبي حنيفة، ثم قال: وأنا أفتي به.
قال: ولا تدفع الزكاة إلى كافر؛ لقوله – عليه السلام –لمعاذ:"فأعلمهم أنَّ عليهم صدقةً تؤخذ من أغنياهم، [فتردُّ على] فقرائهم"، فجعل من تدفع إليه الصدقة فقيراً، ومن تؤخذ منه الصدقة غنياً؛ فلما لم يجز أخذ الصدقة إلا من [غني] مسلم وجب ألا تدفع الصدقة إلا إلى فقير مسلم. ولا فرق في ذلك بين زكاة المال والفطر عندنا؛ لعموم الخبر، وأيضاً: فقد وافق الخصم – وهو أبو حنيفة – على زكاة المال، فنقول له: حق وجب إخراجه للطهرة؛ فلم يجز دفعه إلى أهل الذمة؛ كزكاة المال.
ولا يستثنى من ذلك إلا ما تقدم عند الكلام في العامل.
قال: ولا إلى بني هاشم؛ لقوله – عليه السلام -:"إنَّ هذه الصَّدقة أوساخ النَّاس، إنها لا تحلُّ لمحمدٍ ولا لآل محمدٍ"، وروى أبو هريرة أن الحسن بن علي أخذ تمرة من [تمر] الصدقة، فجعلها في فيه، فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيه [بلعابه] وقال: "كخ كخ" وقال: "إنا – آل محمد – لا تحل لنا الصدقات".