وهذا حكم المتصدق، وبقي الكلام في المتصدق عليه والمتصدق به، وكيفية التصدق:
فأما المتصدق عليه؛ فقد كانت صدقة التطوع حراماً علىرسول الله صلى الله عليه وسلم كالزكاة؛ صيانة له ولمنصبه عن أوساخ الأموال التي تعطى على سبيل التَّرَحُّم، وتنبئ عن ذل الآخذ، وأبدل الفيء المأخوذ على سبيل القهر والغلبة، المنبئ عن عز الآخذ وذل المأخوذ منه، كذا حاكه الإمام في قسم الصدقات والغزالي في مقدمة كتاب النكاح، وقال الإمام فيها: إن القاضي [أبا بكر] ذكر عن بعض الأصحاب أن صدقة التطوع ما كانت محرمة عليه؛ ولكنه كان يأنف من أخذها تعففاً، وقد حكى الغزالي الخلاف في قسم الصدقات، وغيره حكى فيه قولين.
وقال الماوردي في كتاب الوقف: إنهما منصوصان في "الأم"، وأصحهما – وهو اختيار البصريين -: التحريم.
وأما بنو هاشم وبنو المطلب فهل تحرم عليهم إذا قلنا بتحريمها عليهم، عليه السلام؟ فيه خلاف حكاه الإمام في قسم الصدقات [والمتولي قولين،] والغزالي في مقدمة النكاح وجهين، واقتضى إيراد الغزالي ترجيح التحريم؛ كما تحرم عليهم الزكاة، مع أنه جزم في قسم الصدقات بمقابله، وكذا الماوردي في كتاب الوقف، وهو المشهور؛ لأنه روى جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة، فقيل له: أتشرب من مال الصدقة؟ فقال: إنما حرم الله علينا الصدقة المفروضة.
والقائل بالتحريم [ثم] تمسك بعموم قوله – عليه السلام -:"لا تحلُّ لنا الصَّدقة"، وهي تشمل الواجبة والمتطوع بها.
والصدقة المنذورة هل تلحق بالصدقة الواجبة أو بصدقة التطوع؟ فيه اختلاف