للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في "الإحياء": اختلف فيه السلف، وكان الجنيد والخوَّاص وجماعة يقولون: الأخذ من الصدقة أفضل كي لا يضيق على الأصناف، وكي لا يخل بشرط من شروطها، وقال آخرون: الزكاة أفضل؛ لأنها إعانة على واجب، ولو ترك أهل الزكاة أخذها أثموا، ولأن الزكاة لا منَّة فيها.

قال الغزالي: والصواب أنه يختلف بالأشخاص، فإن عرض له شبهة في استحقاقه لم يأخذ الزكاة، وإن قطع باستحقاقها، نظر: فإن كان المتصدق إن لم يأخذها هذا لا يتصدق فليأخذ [حد] الصدقة؛ فإن إخراج الزكاة لابد منه. وإن كان لابد من إخراج تلك الصدقة، ولم تضيق الزكاة، تخير، وأخذ الزكاة أشد في كسر النفس.

وأما المتصدق به فينبغي أن يكون من أطيب ما عنده؛ للخبر السابق، و [مما يحبه]؛ لقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢]، فلو تصدق بالرديء، وما فيه شبهة، كره.

ولا ينبغي أن يمتنع من الصدقة بالقليل احتقاراً له؛ قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه} [الزلزلة: ٧]، وفي الحديث الصحيح: "اتَّقوا النار ولو بشقِّ تمرةٍ"، قال في "الروضة": وقد جاءت أحاديث كثيرة بالحث على الصدقة الماء.

وأما كيفية التصدق، فقد قال في "الإحياء": إن الناس اختلفوا في إخفاء الصدقة وإظهارها أيهما أفضل، وفي كل واحد فضيلة ومفسدة، ثم قال: وعلى الجملة الأخذ في الملأ وترك الأخذ في الخلاء أحسن.

وقال القاضي الحسين في باب الاختيار في صدقة التطوع: إن الأفضل في التطوع: الإخفاء، وفي الصدقة المفروضة: الإظهار أولى من الإخفاء؛ كي يرغب الناس في أداء صدقاتهم إذا نظروا إليه، ولقوله – عليه السلام -:"لن يتقرَّب إليَّ المتقرِّبون بمثل

<<  <  ج: ص:  >  >>