[والرابع: أنه يلزم الكافر] والصبيَّ دون المجنون؛ لأن الصبي مأمور بالصوم وهو ابن سبع، ومضروب عليه وهو ابن عشر، والكافر يقدر على صحة الصوم بالإسلام، بخلاف المجنون. وهذا الوجه يؤخذ من كلام البندنيجي- أيضاً – لأنه حكى الوجهين الأولين في المجنون تفريعاً على أن الجنون ينافي الصوم، ثم قال: أما إذا قلنا: إنه لا ينافيه، فهو ملحق بالمريض، والمريض إذا برأ في أثناء النهار الذي أفطر فيه يلزمه إمساك بقيته قولاً واحداً كما قال، وإن كان فيه شيء سأذكره.
ثم قال الغزالي: إن الأصحاب قالوا: إن قضاء هذا اليوم في حقهما يبني على الإمساك فمن ألزم الإمساك ألزم القضاء، ومن لا فلا. وقال الصيدلاني: من أوجب الإمساك اكتفى [به]،ومن لا يوجبه أوجب القضاء.
وهذا ما أورده في "التتمة" حيث قال: الصبي إذا بلغ في أثناء النهار مفطراً هل يلزمه التشبه بالصائمين؟ فيه وجهان ينبنيان على أنه هل يجب عليه القضاء أم لا؟ فإن قلنا: لا يجب، وجب التشبُّه: لأنه أدرك زمان العبادة [وليس يلزمه ترك العبادة]، فإذا لم يأمره بالإمساك لا يظهر لإدراك وقت العبادة أثر.
وهذا موافق لما قدمت ذكره من تعليل الشيخ أبي حامد، وقد عكس في "التهذيب" ذلك فقال: إن قلنا: يجب القضاء، وجب التشبُّه، وإلاّ فلا. فإذا عرفت ذلك وتأملته ظهر لك الوجهان؛ لأن من جعل وجوب القضاء مفرعاً على وجوب الإمساك يلزمه أن يقول: يجب القضاء على الصبي دون المجنون على وجه، كما وجب عليه الإمساك دون المجنون، وكذلك قال الفوراني: إن الأوجه الأربعة في وجوب الإمساك جارية في القضاء. وقد أشار إليه صاحب "التهذيب" حيث حكى الوجهين في المجنون كما هما في الصبي، [ثم قال: ومنهم من قال: لا يجب عليه قولاً