للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتكلموا عليها، ويجتهدوا في العبادة في جميع الليالي؛ وهذا كما أخفى اسمه الأعظم من بين أسمائه الحسنى؛ لكي يذكروا الكل، ويكثر ثوابهم، وأخفى غضبه من بين المعاصي كي يجتنبوا جميع المعاصي، وأخفي وليَّه [من] بين الناس؛ كي يحبوا أبداً جميع المؤمنين، وأخفى الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة؛ كي يشتغلوا جميع النهار بذكر الله تعالى، وأخفى الساعة والصلاة الوسطى وعمر ابن آدم [و] هكذا.

وقد فرَّع الأصحاب على المذهب المشهور - وهو انحصارها في العشر الأخير - أنه لو قال لزوجته: أنت طالق في ليلة القدر، أو لعبده: أنت حر فيها -[نظر]: فإن كان هذا القول بعد طلوع الفجر [من] ليلة إحدى وعشرين [من رمضان؛ فإنه لا يحكم بطلاقها إلا عند غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين من رمضان] من العام المقبل؛ لجواز أن تكون ليلة القدر هي التي عقد الطلاق والعتق في صبيحتها؛ صرح بذلك القاضي ابو الطيب والروياني في "البحر" وغيرهما، وإن كان في عبارة بعضهم تجوز.

وقال ابن الصباغ: يقع الطلاق في السنة الثانية إذا مضى جميع العشر؛ لجواز اختلافها. ولم يحك غيره، وهو ما أبداه الماوردي احتمالاً لا غير، واختاره في "المرشد".

قلت: ويظهر بناء هذا الخلاف على أنها هل تنتقل أم لا؟ [و] فيه وجهان حكاهما القاضي الحسين والإمام وغيرهما:

أحدهما: أنها متنقلة، وهو قول المزني وابن خزيمة من أصحابنا؛ لأن الاختلاف قد ظهر في الأخبار، ولا طريق للجمع إلا أن يقال: هي متنقلة.

ولأن العلامات التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترى على الاختلاف، وعلى هذا لا يتجه غير ما قاله ابن الصباغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>