وقال الإمام: ليست أرى أن الشافعي ترك القول بالخبر في الجديد إلا أنه استبان ضعفه أو ثبت [عنده] نسخه وللقائلين بالقديم أن يقولوا: تظافر الروايات في الصحيح يمنع الضعف؛ فإن مسلماً روى عن بريدة قال:"بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة فقالت: [إني] تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وجب أجرك وردها عليك الميراث قالت: يا رسول الله إنه كان عليها صوم [شهر] أفأصوم عنها؟ قال صومي عنها، قالت: إنها لم تحج قط أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها".
وقد قال البيهقي: لو وقف الشافعي على جميع طرقه ونظائره لم يخالفه.
فرع: هل يقوم المرض الميئوس منه مقام الموت في جواز الصوم عنه إذا قلنا به كما في الحج، أو لا كما في الصلاة؟ فيه خلاف حكاه الرافعي في كتاب الوصية [و] من منعه قال: المال للحج فيه مدخل من وجهين:
أحدهما: في أصل إيجابه.
والثاني: في جبرانه.
فجازت النيابة في الحالين والصوم لا [مدخل للمال] فيه إلا في موضع [واحد] وهو جبران فلم تجز النيابة فيه إلا من وجه واحد.
أما من لم يتمكن من الصوم؛ لاستمرار السفر ودوام المرض حتى مات – فلا شيء عليه حتى يفعل عنه، وقد أشرنا إلى ذلك فيما تقدم، وقد حكاه القاضي الحسين عن نص الشافعي، وحكي عن أبي يحيى البلخي وغيره وجهاً: أنه يجب عليه الكفارة لأنه شهد الشهر وهو مكلف؛ فهو كالشيخ الهرم، قال: وهو غلط؛ لأن الله تعالى قال:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: ١٨٤] فأمر بالقضاء بعد زوال العذر.
ولأنه لو كان مأموراً قبله لكان [مأموراً] في وقته واليخ لم يخاطب قط إلا