للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ويحتمل أن يكون معنى قوله: "فكأنما صام الدهر"، أي: الذي كان واجباً في ابتداء الإسلام على قولنا: إن الأيام في قوله تعالى: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ١٨٤] هي الأيام البيض كما تقدم وهي ثلاثة أيام من كل شهر؛ لأن مجموع ذلك ستة وثلاثون يوماً، ويؤيده ما سنذكره من رواية أبي داود عن ابن ملحان، لكن قد جاء في مسلم في خبر طويل عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كل شهر؛ ورمضان إلى رمضان؛ فهذا صيام الدهر كله" وهذه الزيادة تنفي الاحتمال.

وقد حكى عن الشيخ أبي حامد [أنه] قال في "التعليق" بعد ذكر هذه المسألة – أعني: صوم الأيام الستة – ولا أعرف هذا للشافعي – يعني: استحبابها – ولكن كذا قال الأصحاب.

تنبيه: اتبع الشيخ في قوله: "بست من شوال" النبي صلى الله عليه وسلم؛ [فإنه] هكذا ورد عنه كما تقدم، وقد أورد عليه سؤال، فقيل: من قاعدة العرب: أنهم يثبتون الهاء في المذكر، و"اليوم" مذكر، فلم حذفت؟

قيل: العرب إنما تلزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو [دون] أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر: [كقوله تعالى: {وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} الآية [الحاقة: ٦]، فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر] فيجوز إثبات الهاء وحذفها، فتقول: صنما ستاًّ ولَبثْنَا عشراً وتريد الأيام، [ومنه قوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} الآية [البقرة: ٢٣٤]، أي: عشرة أيام] ومنه قوله تعالى: {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً} الآية [طه: ١٠٣]، نقل ذلك الفرَّاء وابن السكيت، وكذا ابن الأعرابي، كما نقله الماوردي في كتاب العدد وغيرهم. قال النواوي: ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

قال: ويستحب [أن يصوم] يوم عرفة؛ لما روى مسلم في حديث طويل عن

<<  <  ج: ص:  >  >>