أنه صدر منه وضوء وحدث وقت طلوع الشمس مثلا، ولم يدر هل السابق الحدث،
أو الوضوء؟
قال: نظر فيما كان قبلهما – أي: قبل طلوع الشمس في مثالنا – فإن كان حدثا،
فهو متطهر؛ لأنه تيقن أن الحدث السابق قد ارتفع بالطهارة اللاحقة، وشك هل
ارتفعت بالحدث الآخر أم لا، والأصل بقاؤهما.
وإن كان طهارة، فهو محدث؛ لأنه تحقق أن الطهارة السابقة رفعها الحدث
اللاحق، وشك هل ارتفع، أم لا؟ والأصل بقاؤه؛ وهذا ما حكاه البندنيجي لا غير،
وحكاه القاضي أبو الطيب وجها في المسألة، نسبه ابن الصباغ والإمام إلى صاحب
"التلخيص"، والرافعي إلى الأكثرين، وخصه المتولي – وتبعه الرافعي – بما إذا كانت
عادته أن يتوضأ مجددا أما إذا لم تكن عادته وطهارته الثانية بعد حدث؛ فتباح له
الصلاة؛ فعلى هذا لو لم يتذكر حاله فيما كان قبلهما، فلابد من الوضوء؛ لتعارض
الاحتمالين من غير ترجيح، ولا سبيل إلى الصلاة مع التردد المحض في الطهارة.
وقد ذكر الصيدلاني عن بعض الأصحاب عكس ما ذكره الشيخ، وقال: إن كان
محدثا فهو الآن محدث، وإن كان متطهرا فهو الآن متطهر؛ لأن الطهارة والحدث
[عند الزوال] في مثالنا قد تعارضا؛ فعمل بالسابق.
قال الإمام: وهذا غير صحيح، والصواب ما ذكره صاحب"التلخيص".
والذي حكاه القاضي أبو الطيب عن عامة الأصحاب: وجوب الطهارة بكل حال؛
احتياطا للصلاة حتى يكون مؤديا للفرض بيقين؛ فهذا ما حكاه في "المرشد"،وإليه
مال ابن الصباغ؛ حيث قال بعد ذكر الوجه الأول وهذا لا غير: وما ذكره صاحب
الوجه الأول فليس مما يقوي به ظن الطهارة؛ لأنه تيقن حصول حدث بعد ذلك
الحدث الأول وشك في أن الطهارة تأخرت عنه فأزالته، أم لا؛ فصارت الطهارة
مشكوكا فيها.
وفي"الروضة" حكاية وجه رابع: أنه يعمل بغلبة الظن.
قال: ومن أحدث حرم عليه الصلاة؛ لما روي عن [ابن] عمر قال: سمعت