للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الهدى يمنع العمرة, وقد انعقد الإجماع على خلافه.

والقائلون بهذا القول قالوا: من روى أنه أفرد إنما قال ذلك؛ لأنه رآه يهل بالحج, فظن أنه أفرده وأحرم به ابتداء وكان –عليه السلام- قد تقدمت عمرته على الحج, لكن خفي عليهم ذلك.

والقائلون [بالقول الأول] قالوا: ما روي من أنه –عليه السلام- تمتع, يحتمل أن يكون المراد أنه تمتع بع التحلل من الحج وقبل الإحرام بالعمرة.

ومنهم من حمله على أنه أمر بالتمتع, وذلك جائز في اللغة, ألا ترى أنه روي "أن ماعزًا زنى؛ فرجمه –عليه السلام", وإنما أمر برجمه.

وأجابوا عما ذكر من التمني: بأنه أراد به تطييب قلوب من أحرم بالعمرة؛ لأنه –عليه السلام- كان أحرم إحراماً مبهمًا, كما رواه جابر, وكان ينتظر الوحي في اختيار أحد الوجوه الثلاثة, فنزل الوحي بأن [من] ساق الهدي, فليجعله حجًا, ومن لم يسقه فليجعله عمرة, وكان –عليه السلام-[هو] وطلحة قد ساقا الهدي دون غيرهما, فأمروا أن يجعلوا إحرامهما عمرة, ويتمتعوا, وجعل –عليه السلام- إحرامه حجًا, فشق عليهم ذلك؛ لأنهم كانوا يعتقدون من قبل أن العمرة في أشهر الحج من أكبر الكبائر؛ فقال –عليه السلام- ذلك إظهارًا للرغبة في موافقتهم لو لم يسق الهدي؛ فإن الموافقة الجالبة للقلوب أهم بالتحصيل من فضيلة يختص بها؛ ولهذا يؤثر للمتطوع الصائم أن يفطر للموافقة, ويستدرك بالقضاء.

وقد توافق القولان على تأخير القران عن الإفراد والتمتع.

والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما يقولون: لا خلاف على مذهب الشافعي أن الإفراد والتمتع أفضل من القران, لكن في "الوسيط" حكاية قول: أن القران أفضل من التمتع.

قلت: ويشهد له أن الماوردي حكى في السير: أن رواة القران: أربع من الصحابة ورواة التمتع ثلاثة, وكثرة الرواة مما يرجح به, ولهذا رجحنا الإفراد عليهما؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>