ووراء ما ذكرناه طريقة أخرى حكاها الإمام عن بعض التصانيف –وهي في "الإبانة"-: أن مذهب الشافعي –رضي الله عنه- أن الإفراد أفضل من التمتع والقرآن, جزمًا, وهل التمتع أفضل من القرآن أو العكس؟ فيه القولان.
وقد بقى من تتمة الكلام في المسألة بيان محل كون الإفراد أفضل, فسنذكره.
قال: والإفراد: أن يحج, ثم يخرج إلى أدنى الحل –أي: بعد التحلل منه؛ كما قاله بعضهم, مع أن في كلام الشيخ غنية عنه- ويحرم بالعمرة.
هذا التفسير وافق الشيخ فيه البندنيجي وغيره, وهو إن يريد به بيان حقيقة الإفراد, فهو يخرج من أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج, ثم حج من الميقات, ومن لم يحرم إلا بالحج من الميقات في سنته –عن أن يكون منفردًا.
وقد قال القاضي الحسين والإمام: إنه مفرد في كل واحدة منهما بلا خلاف, وصرح به الغزالي في الأولى.
ولو أريد به بيان الإفراد الذي هو أفضل من التمتع والقران, فهو يخرجهما –أيضًا- لكن قد صرح بإخراج الأخير وإخال الأول الرافعي؛ حيث قال: إن محل كون الإفراد أفضل إذا اعتمر في تلك السنة, أما لو أخر, فكل واحد من التمتع والقران أفضل منه؛ لأن تأخير العمرة عن سنة الحج مكروه.