للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعتمر في أخرى, يكون أفضل عندنا من أن يجمع بينهما, خلافًا له, ثم مال القاضي إلى قول أبي حنيفة؛ لأن للتأخير آفات.

قال: والتمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج, ويفرغ منها, ثم يحج في عامه, سمي بذلك؛ لأنه بصدد أن يتمتع بما كان عليه محظورًا بينهما, ولانتفاعه بسقوط العود إلى الميقات [للحج؛ فإن التمتع لغة –كما قال الواحدي-: التلذذ والانتفاع؛ يقال:] تمتع به, أي: أصاب منه, والمتاع: كل شيء ينتفع به, وأصله من قولهم: حبل ماتع, أي: طويل.

قال القاضي أبو الطيب وغيره: وليس يريد بكونه يحج في عامه أن يفعل جميع الحج, بل إذا فعل جزءًا من الحج بعد العمرة, كان متمتعًا؛ لأن ما جعل غاية, فوجود أوله كاف؛ كقوله تعالى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧].

وقد وافق الشيخ فيما ذكره من التفسير البندنيجي, وابن الصباغ, وغيرهما, وهو يقتضي أمرين:

أحدهما: أن اسم "المتمتع" يصدق على من يجب عليه الدم لاجتماع الشرائط التي سنذكرها فيه, وعلى من لم يجب عليه لفقد شرط منها, وسيأتي في كلام الشيخ ما يدل عليه أيضًا, وهو الذي صرح به الماوردي, وحكاه في "الزوائد" عن الشيخ أبي حامد, والآية توافقه, وكذا قول الأصحاب: إن المكي لا يكره له التمتع والقران, خلافًا لأبي حنيفة -رحمه الله- لكن المحكي عن القفال: أنه [لا] يسمى متمتعًا ما لم تجتمع الشرائط المذكورة [فيه] , وحكى فيه نصًا للشافعي, والاشتقاق السابق يعضده.

الثاني: أن من أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج, وطاف, وسعى في أشهره –أنه لا يكون متمتعًا, ولا يجب عليه دم, وقد حكى أبو الطيب وغيره في وجوبه قولين:

أحدهما: قاله في القديم و"الإملاء"-: أنه يكون متمتعًا, وعليه دم.

والثاني: قاله في الجديد [و"الأم"] , وهو المختار في "التهذيب"

<<  <  ج: ص:  >  >>