فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحل منا من لم يكن معه هدي. قال: فقلنا: حل ماذا؟ قال: "الحل كله", فواقعنا النساء, وتطيبنا بالطيب, لبسنا ثيابنا, وليس بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال, ثم أهللنا يوم التروية, ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة, فوجدها تبكي, فقال: "ما شأنك؟ " قالت: شأني أني قد حضت, قد حل الناس, ولم أحلل, ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن, قال: "إن هذا [أمر] كتبه الله على بنات آدم, فاغتسلي, ثم أهلى بالحج" ففعلت, ووقفت المواقف, حتى إذا طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة, ثم قال: "قد حللت من حجك وعمرتك جميعًا", وأخرجه مسلم.
وفي رواية عند قوله: "وأهلى بالحج": "واصنعي ما يصنع الحاج, غير ألا تطوفي بالبيت, ولا تصلي".
قال الغزالي: ولا تحتاج إلى نية القران في هذه الحالة.
وعن الشيخ أبي علي حكاية وجه آخر فيما أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج: لا يجوز أن يدخل عليها الحج في أشهره, وعزاه إلى عامة الأصحاب, واختاره, والذي اختاره القفال: الأول.
أما إذا دخل [عليها] الحج قبل أشهره, لَغَى ذلك, وإن أدخله في أشهره بعد الطواف في العمرة, لم يصح إحرامه بالحج أيضًا وفاقًا, لكن لماذا؟ فيه أربعة معان, ذكرها القاضي الحسين:
أحدها: لأنه أتى بعمل من أعمالها.
والثاني: لأنه أتى بفرض من فرائضها.
والثالث: لأنه أتى بمعظمها.
والرابع: [لأنه أخذ في أسباب التحلل.
والثالث والرابع] هما اللذان أوردهما العراقيون, والأخير هو المذكور في