قال: وإن أهل بالحج، ثم أدخل عليه العمرة، ففيه قولان:
أحدهما: يصح، ويكون قارناً كعكسه وهذا هو القديم، والأصح في "النهاية"، وعلى هذا ففي وقت جواز ذلك أربعة أوجه حكاها الغزالي، وهي مبنية - كما قال القاضي الحسين - على المعاني الأربعة في الحالة السابقة.
فإن جعلنا الامتناع ثم؛ لأنه أتي بعمل من أعمالها، اختص الجواز هنا بما إذا لم يطف طواف القدوم، فإن طافه، لم يجز إدخالها عليه، وهو ما ذهب إليه ابن الحداد، وصاحب "التلخيص"، وحكاه عن نص الشافعي - رضي الله عنه - في القديم، وصححه البغوي، وقبله القاضي [أبو الطيب] في شرح الفروع، وقال: لا أعلم خلافا بين أصحابنا: أن من جاوز الميقات غير محرم، ثم أحرم، ولم يرجع حتى تلبس بشيء من أعمال الحج من طواف القدوم أو عدل إلى الوقوف، ووقف - أنه لا ينفعه، رجوعه، ولا يسقط عنه الدم، ولا يتغير حكم إحرامه؛ فكذلك ها هنا.
وإن جعلنا علة المنع ثم: أنه أتى بفرض [من فرائضها اختص الجواز هنا بما إذا لم يأت بفرض]، ولا يضره طواف القدوم [فإن أتى بفرض - ولو السعي - عقيب طواف القدوم] لم يجز إدخالها عليه؛ وهذا ما اختاره الخضري.
وإن قلنا ثم: المانع كونه أتى بمعظم العبادة، فوقت الجواز هنا ما لم يقف بعرفة، سواء أتى بالسعي أو لا، فإن وقف لم يجز إدخالها عليه، وهذا ما حكاه الماوردي -[أيضاً]- وجعل حكم من أدخلها وهو واقف حكم من أدخلها بعد الوقوف. وعلى هذا لو كان قد سعى ثم أدخلها قبل الوقوف، ففي شرح الفروع لأبي علي: أن عليه إعادة السعي؛ ليقع عن النسكين جميعاً.
وإن جعلنا ثم علة المنع: أنه أخذ في أسباب التحلل، فالوقت هنا ما لم يشرع في رمي جمرة العقبة وإن سعى مع طواف القدوم ووقف، وإذا رمى، لم يجز إدخالها عليه.