والجواب عن الآية: أنها واردة في حق المحصر، دون المتمتع ونحن كذلك في المحصر نقول: لا يحلق رأسه قبل التحريم، [و] لو سلمت من هذا، لحملناها على الاستحباب.
قال: فإن ذبح المتمتع بعد الفراغ من العمرة - أي: وقبل الإحرام بالحج - والقارن بعد الإحرام بالحج - أي: في صورة إدخال الحج على العمرة - جاز على ظاهر المذهب، أي: المنصوص في "الإملاء"، و"حرملة"، و"المختصر"؛ لأن الحق المالي إذا تعلق بيبين جاز تقديمه على أحدهما، وهو الشطر، أصله: الزكاة، وكفارة اليمين، وهذا كذلك؛ لأنه يجب بأربعة أشياء، وبكمال العمرة وجد منها شيئان: كونه من غير حاضري المسجد الحرام، وفعل العمرة في أشهر الحج؛ فجاز تقديم الدم، وهذا هو الصحيح في الطرق.
وقيل: لا يجوز دم التمتع حتى يفرغ من العمرة، ويحرم بالحج؛ لأن ذلك وقت الوجوب، [والذبح قربة متعلقة بالبدن؛ فلا يجوز قبل الوجوب] كالصلاة والصوم، ويخالف الزكاة وكفارة اليمين؛ لأن الاسم متحقق قبل الحول [والحنث] واسم التمتع لا يتحقق إلا بالحج. وهذا ما نقله ابن خيران قولاً ثانياً في المسألة، كما حكاه الماوردي، وقال القاضي الحسين: إنه من تخريج ابن سريج، وأنه قال: معنى كونها متعلقة بالبدن: أنها تؤدى بالذبح، ولا يتأتى ذلك إلا في بدن.
قال القاضي: وهو فاسد؛ لأن العتق - أيضاً - في الكفارة لا يتأتى إلا ببدن، ولا يعد من القرب البدنية حتى لا يجوز تقديمه على بعض الأسباب، وكذا في زكاة السوائم.
قال القاضي: وتخالف هذه المسألة - على هذا القول- ما إذا أخرج جزاء الصيد بعد جرحه وقبل الزهوق، فإنه يجوز قولاً واحداً؛ لأن الجرح يفضي إلى الهلاك من غير صنع من الجارح، بخلاف فعل العمرة؛ فإنه لا يفضي إلى الإحرام بالحج بنفسه.
وقد تحصل مما ذكرناه: أنه لا خلاف عندنا في جواز ذبح دم القران بعد