قالوا: ويخالف ما إذا كان عليه صلاة الظهر [وقضاء] العصر، حيث لا يجب أن يفرق بينهما؛ [لأنه لما سقط الترتيب بينهما،] وجاز له أن يقضي العصر أولاً ثم الظهر بعده؛ كذلك سقط التفريق بينهما في الزمان؛ وفي مسألتنا مراعاة الترتيب شرط في القضاء كما في الأداء؛ فكذلك وجوب التفريق، وعلى هذا قال في "المهذب": فيفرق بينهما بقدر ما وجب التفريق بينهما في الأداء، ويجيء بمقتضى هذا في قدره خمسة أوجه، وقد صرح بها الأصحاب:
أحدها: ييوم واحد، عزاه الماوردي إلى الإصطخري.
وقال ابن الصباغ والبندنيجي: إنه الذي نص عليه في "الإملاء" وغيره من تخريج الأصحاب، وإن الأصحاب اختلفوا في النص:
فمنعهم من قال: إنه بناه على أنه يجوز صيام أيام التشريق عن كل صوم له سبب، والسبعة صوم له سبب؛ فيجوز في الأداء أن يفصل بينهما بيوم النحر؛ فكذلك [في] القضاء يفصل بيوم.
قالا: وهذا سهو منه؛ فإن السبعة لا تصام في أيام التشريق، قال البنديحي: قولاً واحداً، وقال ابن الصباغ؛ بالإجماع؛ لأنه إنما يجوز بعد الفراغ من أفعال الحج، على أحد المذهبين، وفي أيام التشريق يفعل بقية أفعال الحج، وإنما نص عليه؛ لأنه أصل في نفسه؛ فكأنه قال: إذا لم يكن من التفريق بد، فأقله يوم؛ وهذا ما أورده الإمام في حكاية هذا الوجه.
وقال المسعودي: إنه مبني على جواز صوم [أيام] التشريق، وأن الرجوع المراد به؛ الرجوع إلى مكة؛ لأنه يجعل كأنه صام أيام التشريق، وأفطر يوم الرجوع.
وقال القاضي الحسين: إن بعضهم بناه على أن صوم أيام التشريق جائز، وأن المراد بالرجوع الفراغ من الحج، فإن مقتضى ذلك ألا يجب التفريق في القضاء، وقد قام الدليل على ساق التفريق، فتفرق بيوم.
والثاني: يفرق بأربعة أيام، بناء على أن صوم أيام التشريق لا يجوز، [وأن]