وفي "الشامل" -[بعد حكاية قوله: إنه يجب التصدق عن كل يوم بمد]-: أن أبا إسحاق قال في "الشرح": إن قوله "يتصدق [بمد" أولى من قوله يتصدق] بدرهم، أو ثلث شاة"، فأومأ إلى أن في ذلك ثلاثة أقأويل، وهذه الأقاويل قال أصحابنا: إنما هي في إتلاف الشعر، والظفر، ورمي الجمار، وليست هاهنا، وكذلك قال القاضي الحسين، وزاد إلى الصور الثلاثة صورة رابعة، وهي إذا ترك البيتوتة بمنى ليلة أو ليلتين.
وإن كان لم يصم لعدم تمكنه منه، فقد حكينا عن "الأم" قولين:
أحدهما:[أنه] يُهْدَى عنه، ويجيء قول ثان: أنه يصوم عنه الولي، وثالث: أنه يخرج عنه دم شاة؛ أخذاً مما تقدم.
والثاني - وهو المذهب في "تعليق" البندنيجي، [والصحيح في غيره-: أنه لا يجب شيء؛ كما في صوم رمضان إذا مات قبل التمكن منه، وقد جزم به البندنيجي] في موضع آخر، فقال: إن كان [ترك] الصوم؛ لعدم قدرته عليه، سقط. وعبارة القاضي أبي الطيب: إن كان قد ترك الصوم بعذر سقط. وبين العبارتين فرق؛ لأن الثانية تفهم السقوط إذا كان الترك بسبب مرض يطيق معه الصوم، أو سفر، دون العبارة الأولى؛ وعلى الثانية ينطبق قول الإمام: إذا انتهى المتمتع إلى وطنه، ومات، فلا يلزمه شيء وإن حكمنا بأن الرجوع هو الفراغ من الحج؛ لأن السفر من الأعذار التي يجوز ترك صوم رمضان لأجله، ولو دام السفر إلى الموت، وقد اتفق ترك صوم رمضان فيه، فلا شيء على الذي مات، ودوام السفر بمثابة دوام المرض، فصيام الأيام الثلاثة وإن كان ثابتاً على الغرباء، فلا يزيد تأكده على تأكد صوم رمضان أداء واستدراكًا.
فإن قلت: هذا من الإمام مخالف لظاهر قول الله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ