وهذه المسألة مصورة بما إذا كان يحاذي ميقاتين فى طريقه، أحدهما بعد الآخر، [و]، يحاذي الأول وهو أبعد من مكة- وجب عليه أن يحرم، وليس له أن يؤخره عن محاذاة الأول منتظراً محاذاة الثاني؛ كما ليس للذي يأتي مكة [من المدينة]، أن يجاوز ذا الحليفة؛ ليحرم من الجحفة؛ وهذا ما جزم به الإمام والروياني، وعزاه الرافعي إلى اختيار القفال، وحكى وجهاً آخر لم يحك النوراني سواه: أن له أن يؤخره إلى أن يحاذي الأقرب إلى مكة، وهو غريب. نعم:، الخلاف المشهور فيما إذا كان حذو طريقه ميقاتان، أحدهما أقرب من الآخر إلى مكة، وهو بينهما، فإنه يجب عليه أن يحرم، ثم إن كان بينهما على قدر واحد، فهل ينسب إحرامه إلى الأبعد من مكة أو إلى الأقرب؟ فيه وجهان حكاهما الإمام، ويظهر أثرهما فيما إذا جاوز ذلك، وكلفناه العود إليه، وعسر عليه الرجوع إلى موقفه يين الميقاتين، وتعذر معرفة قدره؛ فإلى قدر أي الميقاتين يرجع؟ ولا يظهر فيما إذا عرف مسافة موقفه؛ فإن الواجب عليه أن يرجع إلى مثل تلك المسافة؛ كذا قاله الإمام.
ولو كان موقفه من أحدهما أقرب فالاعتبار به جزماً، قريباً كان من مكة أو بعيداً.
وقال العراقيون: إذا كان بين ميقاتين على نسبة واحدة، حاذى أي الميقاتين شاء، وأحرم منه، والأفضل أن يحرم من أبعدهما إلى مكة، وهو الذي حكاه الماوردي [عن الجمهور]، وصححه، وحكى وجهاً [آخر أنه] من [الأبعد].
فرع: الغريب إذا أتى من جانب، ولم يمر بميقات ولا حاذاه، فيحرم على مرحلتين من مكة؛ نزولاً على قضاء عمر- رضي الله عنه - في تأقيت ذات عرق والتفاتاً إلى حد المذهب في حاضري المسجد الحرام؛ قاله في "الوسيط": وهو من تخريج الإمام.
قال: ومن كان داره فوق الميقات، فالأفضل ألا يحرم إلا من الميقات قي أصح