ولو وجد الماء، لكن عجز عن الاغتسال به، قال في الحاوي: اخترنا له أن يتوضأ، فإن تعذر الوضوء اخترنا له التيمم.
ولو وجد من الماء ما يكفيه للوضوء، توضأ يه؛ قاله المحاملي، والبغوي، والروياني.
وقال في "الروضة": إن أريد أنه يتوضأ، ثم يتيمم، فحسن؛ وإن أريد الاقتصار على الوضوء، فليس بجيد؛ لأن المطلوب هو الغسل، والتيمم يقوم مقامه دون الوضوء والصبي والمرأة فيما ذكرناه كالرجل.
فإن قلت: ما المحوج إلى حمل قول الشيخ: "إذا أراد أن يحرم اغتسل، فإن لم يجد الماء تيمم"، على الرجل حتى ألحقت به الصبي والمرأة، [ولم لا] حملته على الشخص حتى يشمل الدم والأنثى؟
قلت: أمران:
أحدهما: جعل الشيخ متبعاً للشافعي -رضي الله عنه - فإنه قال في "المختصر": إذا أراد الرجل الإحرام، اغتسل من ميقاته".
والثاني: قوله: "وتجرد عن المحيط في إزار ورداء"؛ فإن ذلك لا يشرع في حق المرأة.
لكن لك أن تقول قوله: "ويرفع صوته بالتلبية، والمرأة تخفض صوتها"، وقوله: "ويجوز للمرأة لبس القميص والسراويل ... " إلى آخره - يدل على أن ما ذكره في الباب كله مشترك بين الرجل والمرأة [سوى هذا، وإلا لم يكن لتخصيص هذا بالذكر معنى، وسكوته عن التفرقة بين الرجل والمرأة] في التجرد عن المحيط، كان لوضوحه، ويؤيد ذلك أن البندنيجي وغيره من الأصحاب قالوا: المرأة كالرجل إلا في ثلاث صور: رفع الصوت بالتلبية، وحكم اللباس؛ كما سنذكره، وستر اليدين؛ على أحد القولين، والله أعلم.