النكاح بعد تحلله؟ فيه وجهان ينبنيان- كما قال القاضي الحسين- على ما إذا أحرم الولي، هل تنتقل الولاية [عن وليته] إلى السلطان، أو إلى من دونه من الأولياء؟
وفيه وجهان محكيان –أيضاً- فيما لو وكل المحرم حلالاً في قبول النكاح، وقبله له بعد تحلله، هل يصح؟
قال القاضي الحسين: وأظهرهما، وهو طريق المراوزة - كما قال أيضاً-: لا، إلا بتجديد وكالة بعد التحلل؛ لأنه لم يكن أهلا للوكالة حالة ما وكل؛ فلم يصح توكيله.
والثاني- وهو طريقة بعض العراقيين-: أنه يصح، وهي التي حكاها القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ، والبندنيجي، وفي "الحاوي" و"البحر" نسيته إلى النص في "الأم" ووجه بأن الإذن يصح ممن هو ممنوع من توليته بنفسه لعارض؛ ألا ترى أنه يصح توكيله في بيع شيء يجهله؟!
والمحرمة إذا أذنت في النكاح، [هل يجوز] لوليها التزويج بعد تحللها؟ قال القاضي الحسين في "تعليقه": سألته مرارا فقال: ينبغي أن يخرج على الوجهين، ثم قال: والأظهر عندي الجواز؛ لأن المقصود منه رضاها بالعقد عليها والرضا صحيح به، وإن كان لا يعقد في الحال؛ كما لو رضيت أن يزوجها من فلان إذا قدم، بخلاف الرجل يوكل في العقد وهو حرام؛ لأنه يليه من جهته؛ فلم يصح إلا في حال هو من أهل الولاية والمباشرة بنفسه.
[الفرع الثاني] إذا أذن المحرم لعبده في التزويج، رجلاً كان المولي أو امرأة- فالمحكي عن أبي الحسين بن القطان: أن الإذن باطل.
وقال ابن النرزبان: عندي في هاتين المسألتين نظر؛ كذا حكاه القاضي أبو الطيب.
حكى ابن القطان: أن إسماعيل الفقيه قال في كتاب "المستعمل": إذا وكل المحرم رجلاً في أن يزوجه إذا حل من إحرامه –صح، ولو وكل رجلاً رجلاً في أن يزوجه إذا طلق إحدى أربع نسوة عنده أو إذا طلق فلان زوجته أن يزوجه – لم يصح التوكيل.